مع اقتراب رأس السنة الهجرية 1447، يتجدد النقاش السنوي حول ما إذا كان الاحتفال بهذه المناسبة يتفق مع تعاليم الشريعة الإسلامية، خاصة مع منح بعض الدول إجازات رسمية في هذا اليوم. يتساءل الكثيرون عن الحكم الشرعي لمثل هذه الممارسات، محاولين التوفيق بين التقاليد الاجتماعية والأصول الدينية.
حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية
من منظور فقهي، يرى علماء الإسلام أن الاحتفال السنوي برأس السنة الهجرية لا يعتمد على دليل شرعي واضح من القرآن أو السنة النبوية. إذ يُعتبر الأعياد في الإسلام مقتصرة على ما حدده الدين، مثل عيدي الفطر والأضحى، كما ورد في الحديث النبوي الذي يقول إن الله قد أبدل المسلمين بهذين العيدين خيراً من غيرهما. لذا، أي احتفال يُضفى عليه طابعاً دينياً يُصنف كبدعة، إلا إذا كان بسيطاً وخالياً من الطقوس المبتكرة. ومع ذلك، يميز الفقه بين الاحتفال الرسمي غير المشروع والتعامل الاجتماعي، مثل تبادل التهاني، طالما أنه لا يتضمن عبادة غير مقررة.
الاحتفال بمطلع السنة الهجرية
في هذا السياق، يشير علماء الفقه إلى أن التقويم الهجري وضع لأغراض إدارية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، مستنداً إلى هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة، لكنه لم يُقصد به إنشاء احتفال سنوي. لذا، يُقاس مثل هذا الاحتفال بالأعياد المحدثة الأخرى، مثل عيد الميلاد أو رأس السنة الميلادية، التي يُحظر التشبه بها للحفاظ على نقاء العقيدة الإسلامية. ومع ذلك، يجوز تبادل عبارات التهنئة الودية، مثل “كل عام وأنتم بخير”، إذا كانت خالية من أي اعتقاد ديني أو طقوس مبتدعة، كما كان يحدث بين الصحابة في بعض المناسبات دون جعلها شعيرة.
أما فيما يتعلق بالتعامل اليومي، فإن المسلمين يُنصحون بتجنب إقامة أي مظاهر احتفالية دينية، واستغلال المناسبة للدعاء والذكر فقط دون تخصيصها بعبادة غير مدونة. يُؤكد الفقهاء أن المقياس الأساسي هو الاعتدال، حيث يجب الالتزام بالأصول الشرعية دون إفراط، مع الحرص على التعامل الاجتماعي بالتسامح. على سبيل المثال، يمكن الرد على التهاني بكلمات إيجابية تشمل الدعاء بالخير، كأن يقول المسلم “أسأل الله أن يجعلها سنة مباركة”. بذلك، يحافظ المسلم على توازن بين الالتزام الديني والتواصل الإنساني، مع التركيز على الأعياد الشرعية الوحيدة كعيدي الفطر والأضحى، التي ترتبط بأركان الإسلام. في النهاية، يظل التوجيه الأساسي هو تجنب أي ابتداع قد يؤدي إلى التشبه بغير المسلمين أو تشويه العقيدة، مع السماح بالتعبيرات الخفيفة التي تعزز التواد والرحمة بين المجتمع.
تعليقات