رحال سعودي يكشف تفاصيل رحلته في جمع كنوز الشاي من أرجاء العالم وإنشاء متحف خاص في المنطقة الشرقية
رواية مثيرة عن شغف المغامرات في جمع تراث الشاي, حيث يشارك المواطن السعودي وائل الدغفق تفاصيل رحلاته الشيقة عبر مختلف الدول لجمع أواني الشاي القديمة وأنواعه النادرة. من خلال تجاربه الشخصية, أصبح هذا الهوس بجمع الذكريات المرتبطة بالشاي محفزًا لإنشاء متحف يحتضن هذه الكنزات الثقافية في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية. الرحلات هذه لم تكن مجرد رحلات عادية, بل كانت فرصة لاستكشاف تاريخ الشاي العريق, من خلال جلب جميع الأدوات والقطع الفنية التي تعكس تطور هذه الثقافة عبر العصور.
متحف الشاي: رحلة جمع التراث الثقافي
في هذا المتحف الفريد, الذي أسسه وائل الدغفق عام 1980م (الموافق 1400هـ), يجد الزائر نفسه أمام مجموعة ضخمة تجاوزت الـ7000 قطعة, تشمل أباريق الشاي الفاخرة, الفناجيل العتيقة, أنواع الشاي النادرة, وكذلك الإعلانات التاريخية التي تعود إلى أكثر من 300 عام. يصف الدغفق هذا المشروع بأنه نتيجة لعلاقة وطيدة جمعته مع رحلاته, حيث كان يجمع كل شيء يتعلق بالشاي من بلدان مختلفة. هذا المتحف لم يكن مجرد مكان للعرض, بل أصبح نقطة جذب عالمية, حيث يمثل الرحلة التاريخية للشاي من أصوله في الصين إلى انتشاره في أوروبا عبر هولندا وبريطانيا, ثم وصوله إلى الدول العربية وصولًا إلى المغرب العربي. من خلال هذه التحف, يسعى المتحف إلى نشر ثقافة الشاي كرمز للتراث الإنساني, مما جعله الأول من نوعه في الوطن العربي.
تراث الشاي عبر العصور
يبرز المتحف كقصة حية عن كيفية تحول الشاي من مجرد مشروب يومي إلى عنصر ثقافي يجسد التفاعل بين الشعوب. بدأت رحلة الشاي, كما يوضح الدغفق, من الصين كمصدر أولي وأصلي, حيث كانت هي المنبع الرئيسي لتصدير هذه الثقافة إلى العالم. مع مرور الزمن, انتقل الشاي إلى أوروبا, خاصة من خلال التجارة الهولندية والبританية, التي ساعدت في نشره عبر القارات. في الدول العربية, أصبح الشاي رمزًا للترحيب والاجتماع الاجتماعي, مما جعله جزءًا لا يتجزأ من التقاليد اليومية. الدغفق يؤكد أن المتحف ليس فقط مكانًا للمعارض, بل منصة لتعليم الجيل الجديد عن أهمية هذا التراث, حيث تضم مجموعاته أدوات تعود إلى عصور مضت, مثل الفناجيل المزخرفة التي تروي قصص التجارة التاريخية والتبادل الثقافي.
بالإضافة إلى الجوانب التاريخية, يسلط المتحف الضوء على التغييرات الاجتماعية التي أحدثها الشاي, فقد كان في بعض الدول رمزًا للرفاهية, بينما في أخرى أصبح جزءًا من الطقوس اليومية. على سبيل المثال, الأدوات المعروضة تظهر كيف تطورت تصميمات الأباريق من الطراز التقليدي إلى الإبداعات الحديثة, مع الاحتفاظ بالروح الثقافية. الدغفق يشارك أيضًا قصصًا من رحلاته الشخصية, حيث كان يسافر إلى أماكن بعيدة للحصول على هذه القطع, مما جعل من عمله هذا تجربة إنسانية تعزز التواصل بين الثقافات. مع انتشار المتحف جغرافيًا, أصبح مصدر إلهام للعديد من المهتمين بالتراث, حيث يعكس كيف يمكن لشغف فردي أن يصبح إرثًا جماعيًا. في الختام, يمثل متحف الشاي في الخبر نموذجًا للحفاظ على التقاليد في عصر التغيير, مما يدفع الزوار للتأمل في أهمية الحفاظ على التراث الثقافي لأجيال مقبلة.
تعليقات