في قلب جدة التاريخية النابضة بالحياة، يمثل حي الرويس كنزًا تاريخيًا يجسد عمق التراث الحجازي، حيث يقف شاهدًا على عصور مضت دون أن يفقد بريقه. هذا الحي، الذي يحتل المرتبة الثانية كأقدم أحياء المدينة، يمتلك إمكانيات هائلة ليصبح محركًا اقتصاديًا مستدامًا، من خلال تحويله إلى وجهة سياحية تراثية مفعمة بالألوان والحيوية، بدلاً من هدم تراثه العريق الذي يمتد لقرنين من الزمان.
تحويل حي الرويس إلى حي تراثي ملون
يعد تحويل حي الرويس إلى حي تراثي ملون خطوة استراتيجية لتعزيز الجذب السياحي والاقتصادي لجدة، مستوحى من نجاح تجارب عالمية مشابهة. على سبيل المثال، شهدت مدينة شفشاون المغربية ارتفاعًا في إيرادات السياحة بنسبة 30% بعد ترميم بيوتها الزرقاء، مما رفع الإيرادات إلى حوالي 50 مليون دولار سنويًا. كذلك، أدى تطوير حي “لا بوكا” في بوينس آيرس إلى استقطاب أكثر من مليون زائر سنويًا، مولدًا إيرادات تزيد عن 100 مليون دولار. في حالة الرويس، يركز الاقتراح على ترميم حوالي 200 منزل تاريخي بتكلفة تقدر بين 50 إلى 100 مليون ريال، مع تلوين واجهاتها بألوان مستوحاة من التراث الحجازي للحفاظ على طابعه الأصيل. هذا الاستثمار من شأنه أن يتم استرداده سريعًا من خلال عوائد السياحة، حيث يتوقع استقبال مليون سائح في السنوات الخمس الأولى، مما يولد إيرادات سنوية تتجاوز 200 مليون ريال من خلال خدمات مثل القطارات التراثية الصديقة للبيئة، التي ستكلف 50 ريالًا للجولة ومن شأنها تحقيق 15 مليون ريال سنويًا إذا استخدمها 30% من الزوار.
تطوير الرويس التراثي
بالإضافة إلى الجوانب السياحية، يتضمن تطوير الرويس التراثي تحويل بعض المنازل إلى فنادق بوتيكية فاخرة، حيث يمكن أن يصل الإيراد السنوي من إشغال 50 وحدة بمعدل 65% و500 ريال للليلة إلى 7.1 مليون ريال، مع تسليم إدارتها لشركات محلية متخصصة لدعم قطاع الضيافة. كما سيتم إنشاء محلات تجارية تعرض التحف اليدوية والأكلات الشعبية، مما يوفر فرصًا اقتصادية للحرفيين المحليين والأسر المنتجة، ويولد إيرادات تصل إلى 200 مليون ريال سنويًا إذا أنفق كل سائح 200 ريال على هذه المنتجات. هذا التحول لن يقتصر على الإيرادات المباشرة، بل سيكون له تأثير واسع في خلق أكثر من 1000 فرصة عمل في مجالات السياحة، النقل، والحرف اليدوية، مما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030 في رفع مساهمة السياحة إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي. في النهاية، يمثل هذا الاقتراح فرصة لتنويع اقتصاد جدة وتعزيز هويتها الثقافية، محولاً الرويس إلى أيقونة عالمية تدر عوائد مستدامة وتضمن الحفاظ على تراثها التاريخي للأجيال القادمة.
تعليقات