في عالم يواجه تحديات بيئية متزايدة، يبرز دور التكنولوجيا في صياغة مستقبل أكثر استدامة. من خلال الجهود المشتركة بين باحثين في جامعة تكساس في أوستن ومختبرات كوجنيزانت، تم تطوير نظام ذكاء اصطناعي يساعد في صياغة سياسات خضراء فعالة. هذا النظام يعتمد على بيانات شاملة حول استخدام الأراضي وتخزين الكربون عبر 175 عامًا مضت، مما يمكنه من اقتراح حلول تعزز أهداف الاستدامة العالمية للأمم المتحدة. بفضل هذا الابتكار، يمكن تحقيق توازن دقيق بين المصالح البيئية والاقتصادية، مما يفتح أبوابًا جديدة للابتكار في مجال حماية الكوكب.
AI من أجل الكوكب.. جامعة تكساس تطور خوارزمية للسياسات الخضراء
في هذا السياق، يعمل الباحثون على نظام ذكاء اصطناعي متقدم يحلل البيانات العالمية لاستخدام الأراضي وتخزين الكربون، مستلهمًا أهداف الاستدامة العالمية. الدراسة، التي نشرت في مجلة Environmental Data Science، تبرز كيفية توظيف هذه التقنية لتقديم توصيات سياسية مثالية. هذا النظام يركز على زيادة تخزين الكربون إلى أقصى حد ممكن مع تقليل التأثيرات الاقتصادية السلبية، مما يساهم في تحسين الجودة البيئية وتعزيز الحياة اليومية للسكان. كما أن هذا المشروع يمثل خطوة أولى في مبادرة “الذكاء الاصطناعي من أجل الخير”، المدعومة من الأمم المتحدة، حيث يهدف إلى تعزيز عملية اتخاذ القرار العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لهذا العقد.
الذكاء الاصطناعي للاستدامة.. نهج مبتكر يتجاوز التحديات
يعتمد هذا النظام على نهج تطوري مستوحى من عملية الانتقاء الطبيعي في الأنظمة البيولوجية. يبدأ الذكاء الاصطناعي بإنشاء سيناريوهات متعددة للسياسات البيئية، ثم يقوم بتقييم تأثير كل سيناريو على العوامل الاقتصادية والبيئية المختلفة. من خلال عملية افتراضية تشبه “البقاء للأصلح”، يتم تصفية الخيارات غير الموفقة وتعزيز تلك التي توازن بفعالية بين التنازلات. هذا النهج، كما يؤكد ريستو ميكولاينن، عالم الحاسوب في جامعة تكساس، يمتد ليشمل تحديات أخرى مثل مكافحة الأمراض المعدية ومواجهة انعدام الأمن الغذائي. يقول ميكولاينن إن الذكاء الاصطناعي يمكنه اقتراح حلول أكثر كفاءة من تلك التي يصل إليها البشر، خاصة في سياق التنازلات المعقدة التي تتطلب تحسين نتائج مرغوبة مع تقليل التكاليف.
بالإضافة إلى ذلك، يساعد هذا الابتكار القادة العالميين على اتخاذ قرارات أفضل من خلال توجيههم نحو مسارات غير متوقعة. على سبيل المثال، في مجال استخدام الأراضي، يمكن للنظام اقتراح استراتيجيات تقلل من انبعاثات الكربون دون التسبب في اضطرابات اقتصادية كبيرة، مما يدعم الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. هذا النهج لا يقتصر على السياسات البيئية فحسب، بل يفتح آفاقًا واسعة لتطبيقات أخرى في مجالات متعددة. في الختام، يمثل هذا التقدم دليلاً على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق فوائد عالمية، مما يعزز التعاون بين العلماء والقادة لصنع عالم أكثر استدامة وعدالة. بشكل عام، يؤكد هذا المشروع أن الابتكار التكنولوجي يمكن أن يكون حلاً فعالاً للتحديات العالمية، مع الالتزام بمبادئ الاستدامة والتكامل الاقتصادي.
تعليقات