خلافات جوهرية تقترب من إفشال مفاوضات غزة

تتواصل جهود الوساطة الدولية في ظل التوترات المتزايدة حول قطاع غزة، حيث أعلنت هيئة البث الإسرائيلية عن عودة الوفد المفاوض من الدوحة، في وقت يشهد تصعيداً جديداً قد يعيق الجهود للوصول إلى هدنة. كشف رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال كلمة ألقاها في منتدى قطر الاقتصادي، أن المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة لم تنجح خلال الأسابيع الماضية بسبب خلافات أساسية بين الطرفين. ووصف هذا التصعيد بأنه سلوك عدواني غير مسؤول يهدد بإفشال أي فرصة للسلام، مؤكداً على استمرار القطريين في التعاون مع مصر والولايات المتحدة لتحقيق اتفاق.

غزة والتحديات أمام وقف إطلاق النار

في السياق نفسه، أشار الشيخ محمد بن عبد الرحمن إلى أن المفاوضات في الدوحة خلال الأسبوعين الماضيين لم تؤدِ إلى أي تقدم ملموس بسبب فجوة جوهرية. يسعى أحد الطرفين إلى اتفاق جزئي يمكن أن يؤدي إلى حل شامل، بينما يركز الطرف الآخر على اتفاق واحد فقط ينهي الحرب ويحرر جميع الرهائن. ومع ذلك، لم يتمكن الوساطة بعد من جسر هذه الفجوة، مما يعكس عمق الخلافات. من جانبه، أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التزام بلاده بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة، مع تكثيف الغارات الجوية والعمليات البرية التي استمرت لأكثر من 19 شهراً، مما يفاقم من الوضع الإنساني الكارثي في المنطقة.

النزاع الدائر في القطاع

على المستوى الميداني، شهد قطاع غزة أحداثاً عنيفة أدت إلى مقتل 73 فلسطينياً بسبب قصف إسرائيلي استهدف مواقع للنازحين ومنشآت صحية متعددة، في خطة يصفها مراقبون بأنها ممنهجة لتدمير البنية التحتية. وفقاً لمصادر طبية، تم استهداف مولدات الكهرباء داخل المستشفى الإندونيسي، مما أدى إلى اندلاع حريق وإجبار فرق الدفاع المدني على الانتظار لساعات قبل الوصول، وسط حالة من الذعر بين المرضى والأطقم الطبية. قال مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بغزة، مروان الهمص، إن الاحتلال يتبع استراتيجية واضحة لتدمير المنظومة الصحية، حيث تهدد هذه الهجمات حياة السكان وتفاقم الأزمة الإنسانية.

كما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن نحو 92% من منازل غزة تعرضت للتدمير أو الضرر البالغ، مما يترك العائلات في ظروف مأساوية من النقص الحاد في المأوى والخدمات الأساسية. ووفقاً للبيانات الرسمية من المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن 38 مستشفى و81 مركزاً صحياً و164 مؤسسة طبية أخرى قد تعرضت للهدم أو الحرق أو الإيقاف عن العمل خلال هذه الحرب. هذه الأحداث تشكل تحدياً كبيراً أمام أي جهود لإعادة الإعمار أو تحقيق الاستقرار، حيث يواجه السكان نزوحاً متكرراً ومعاناة يومية من نقص الخدمات الطبية والإمدادات الأساسية. في ظل هذا الواقع، يبرز الدور الدولي كعنصر حاسم للضغط نحو اتفاق يوقف التصعيد ويعيد الأمل في سلام مستدام، مع التأكيد على أهمية الحوار الجاد لتجنب المزيد من الخسائر الإنسانية.