قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن عملية حي الكتيبة انهارت تماماً في غضون 20 دقيقة، مما يعكس فشلاً استراتيجياً شاملاً. وفقاً لتحليله، حاولت القوات المشاركة في العملية الترويج لها كمحاولة بسيطة لاغتيال قائد واحد، وهو أحمد سرحان، لكن الاستخدام الواسع للقوى الناريّة والدعم الجوي والبري يشير إلى أن الهدف كان أكبر بكثير. فبدلاً من استهداف شخصية واحدة، يمكن للجيش الذي قام بالعملية اغتيالها بوسيلة أقل تعقيداً ومخاطرة، مثل طائرة مسيّرة بتكلفة منخفضة، مما يؤكد أن المخاطرة بقوات النخبة كانت غير مبررة.
فشل الـ20 دقيقة في خان يونس
في تفاصيل أكثر عمقاً، أوضح أبو زيد أن الأسلوب التكتيكي الذي اتبعته العناصر التسعة من الوحدة الخاصة يتطابق مع تقنيات وحدة “دوفديفان” أو “المستعربين”، وهي إحدى الوحدات النخبية الأكثر تدريباً والتي تم انتقاء عناصرها بعناية للسيطرة على اللهجة والتقاليد المحلية في المناطق التي يعملون فيها. هذه الوحدة سبقت وأن فشلت في مهمة سابقة لتحرير أسرى في مخيم النصيرات في حزيران 2024، مما يدل على نجاح الاستخبارات المضادة للمقاومة في مواجهة العمليات الهجومية. كما أشار إلى أن العقيدة الأمنية للأجهزة الاستخبارية تشمل تنسيقاً دقيقاً بين قادة الشعبة في جهاز الشاباك وقيادة الاستخبارات العسكرية، لضمان تدفق المعلومات من مصادر متعددة، لكن الفشل في التخطيط والتنفيذ كان مركباً وشاملاً.
إخفاق الوحدة النخبة في المهمة
أما بخصوص التسلل الذي قامت به تلك العناصر إلى مناطق متعددة مثل حي الكتيبة وجورة العقاد والسطر الغربي وغرب خان يونس، فإن أبو زيد يرى أنها كانت محاولة للبحث عن “صيد ثمين” أكبر، لكن عند الفشل في تحقيق أي إنجاز حقيقي، لجأت إلى قتل القيادي أحمد سرحان كخطوة لانتزاع هدف إعلامي صغير. هذا النهج يبرز عيوباً في استراتيجيات الاحتلال، حيث أن الاعتماد على التكتيكات المتقدمة لم يمنع الكشف السريع. في السياق العام، يشكل هذا الفشل دليلاً على تطور قدرات الرد المقاوم، الذي أصبح قادراً على التعامل مع عمليات معقدة تنطوي على خداع وتخفي. من جانب آخر، يؤكد أبو زيد أن مثل هذه الإخفاقات تكشف عن حدود التنسيق بين الجهات الاستخبارية، حيث أن الاعتماد على التنسيق بين الشعبة العملياتية في الشاباك والاستخبارات العسكرية لم يمنع الانهيار السريع. ومع ذلك، فإن هذه العمليات تواجه تحديات متزايدة، حيث أن الرد الميداني أصبح أكثر كفاءة في فضح التكتيكات المستخدمة، مما يعزز من صمود الجهات المقابلة. بشكل عام، يرى أبو زيد أن هذا الإخفاق ليس حدثاً معزولاً، بل جزء من نمط يعكس تقدم الاستراتيجيات الدفاعية، ويبرز الحاجة إلى إعادة تقييم للأساليب الهجومية لتجنب المخاطر المستقبلية. هذا التحليل يفتح النقاش حول كيفية تأثير الفشل التشغيلي على التوازن العام في الصراع، مع الإشارة إلى أن الاعتماد على قوات نخبية دون تخطيط دقيق يمكن أن يؤدي إلى خسائر غير محسوبة.
تعليقات