تاريخ منطقة أبو مينا الأثرية
تقع منطقة أبو مينا الأثرية غرب مدينة الإسكندرية، على مسافة 12 كيلومترًا من برج العرب، وترتبط تاريخيًا بالقرنين الرابع والسادس الميلاديين. كانت هذه المنطقة في العصور القديمة قرية صغيرة اكتسبت أهميتها من خلال مدفن القديس مينا، حيث تحولت في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس إلى أحد أبرز مراكز الحج المسيحي في مصر. تضم المنطقة بقايا أسوار خارجية حامية للموقع بأكمله، بالإضافة إلى بوابتين شمالية وغربية، وشوارع محاطة بصفوف أعمدة كانت تدعم الأسقف. تشمل أيضًا منازل، وحمامات، وأماكن استراحة مخصصة للحجاج الذين كانوا يتوافدون من مختلف الأماكن. في وسط المنطقة، يبرز فناء الحجاج المحاط بأعمدة رخامية، خلفه توجد محلات لبيع هدايا تذكارية مثل التماثيل، والتمائم، وقنينات صغيرة من الفخار للزيت. جنوب هذا الفناء، يقع مجموعة من الكنائس، ومرافق للاستشفاء، وخزانات مياه، إلى جانب وحدات سكنية. كشفت الحفريات عن 10 مبانٍ رئيسية تشكل الجزء الرئيسي من المجمع المعماري الضخم، وتشمل البازيليكا الكبرى، وكنيسة المدفن، والمعمودية، ودور الضيافة، والحمام المزدوج، والحمام الشمالي، والبازيليكا الشمالية، والكنيسة الشرقية، والكنيسة الغربية. تم تسجيل الموقع كمنطقة أثرية بموجب قرار في عام 1956، ثم تمت إضافته إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1979. تُولي وزارة السياحة والآثار اهتمامًا كبيرًا بهذه المنطقة، لا فقط بسبب موقعها في قائمة التراث العالمي، بل أيضًا لقيمتها الأثرية والدينية.
إرث موقع أبو مينا
أما فيما يتعلق بجهود حماية المنطقة، فقد شملت مشاريع خفض منسوب المياه الجوفية تركيب أحدث المعدات لسحب المياه من الدير، مع عملية سحب تدريجية تتبع إجراءات أمان بنائية دقيقة. تم الانتهاء من تثبيت العناصر المعمارية في البازيليكا، وكنيسة المدفن، والقبر، حيث تم إعادة ترتيب الأحجار المتناثرة للحفاظ على شكلها الأصلي. كما أُكمل ترميم السور الغربي للبازيليكا، ويجري حاليًا عمليات ترميم دقيقة لحوائط الكنيسة البازيليكا الكبرى والعراميس في الحوائط. بالإضافة إلى ذلك، تم الانتهاء من ترميم المدخل الرئيسي وإزالة الحشائش من الدير، مع تنفيذ 12 بئرًا حول قبر أبو مينا بعمق يتراوح بين 35 إلى 50 مترًا، و57 بئرًا أخرى حول الموقع بأكمله. يمتد خطوط طرد المياه لمسافة 5500 متر، مع ربط جميع الآبار الجديدة بالأنظمة الكهروميكانيكية والتحكم المركزي في الموقع. يتم متابعة مستويات المياه الجوفية من خلال هذه الآبار وفق خطة مشروع مدته عام كامل بعد التشغيل. هذه الجهود تساهم في الحفاظ على التراث التاريخي لمنطقة أبو مينا، مما يجعلها وجهة ثقافية ودينية هامة، وتدعم السياحة المستدامة في مصر. بشكل عام، يمثل هذا الموقع مزيجًا فريدًا بين التاريخ والحماية البيئية، مما يضمن بقاءه للأجيال القادمة.
تعليقات