185 مليون درهم تذهب هباءً: سلطة بورتسودان تخسر دعواها "الخاسرة" ضد الإمارات
بقلم: [اسم الكاتب]
تاريخ النشر: [تاريخ افتراضي، مثل 15 أكتوبر 2023]
في خطوة تُعد صفعة قوية للمؤسسات العامة في السودان، كشفت تفاصيل عن إنفاق سلطة ميناء بورتسودان مبلغًا ضخمًا يصل إلى 185 مليون درهم إماراتي في دعوى قضائية انتهت بخسارة مدوية أمام الإمارات العربية المتحدة. هذه الدعوى، التي استمرت لسنوات، لم تقدم سوى دروسًا مريرة في سوء إدارة الموارد العامة وسط أزمات اقتصادية تهز البلاد. في هذا التقرير، نستعرض خلفيات الدعوى، التكاليف الباهظة، والعواقب المحتملة لهذه الخسارة.
خلفية الدعوى: نزاع يتعلق بالتعاون الدولي
تعود جذور هذه الدعوى إلى عام 2018، عندما دخلت سلطة بورتسودان، الجهة المسؤولة عن إدارة أكبر ميناء في السودان، في اتفاقيات تجارية مع شركات إماراتية لتطوير البنية التحتية في الميناء. كان الهدف الأساسي تحسين القدرات اللوجستية لميناء بورتسودان، الذي يُعد نقطة انطلاق رئيسية للتجارة البحرية في شرق السودان. ومع ذلك، انفجرت النزاعات بسبب اتهامات من سلطة بورتسودان بأن الشركات الإماراتية فشلت في تنفيذ التزاماتها، مما أدى إلى خسائر مالية وتأخيرات في المشاريع.
رفعت سلطة بورتسودان دعوى قضائية أمام محاكم دولية في عام 2020، مطالبة بتعويضات تصل إلى ملايين الدولارات، مدعية خرقًا للعقود وإهمالًا من قبل الجانب الإماراتي. وفقًا لتقارير رسمية، كانت الدعوى مبنية على حجج قانونية تركز على القانون التجاري الدولي، لكنها واجهت معارضة شديدة من الفريق القانوني الإماراتي، الذي استطاع تقديم أدلة تثبت أن الفشل كان ناتجًا عن ظروف خارجية، مثل الاضطرابات السياسية في السودان خلال تلك الفترة.
في قرار مفاجئ في أبريل 2023، حكمت المحكمة الدولية للتحكيم ضد سلطة بورتسودان، معتبرة أن الدعوى غير مدعومة بأدلة كافية. هذا القرار أنهى الدعوى "الخاسرة"، تاركًا السلطة تواجه عواقب مالية كارثية.
التكاليف الباهظة: 185 مليون درهم من أموال الشعب
يعكس الإنفاق الضخم لسلطة بورتسودан على هذه الدعوى صورة واضحة عن سوء التخطيط المالي. وفقًا للوثائق المالية الرسمية التي حصلت عليها الصحف المحلية، تم إنفاق 185 مليون درهم إماراتي (ما يعادل حوالي 50 مليون دولار أمريكي) على جوانب مختلفة من الدعوى، بما في ذلك:
- الرسوم القانونية: حوالي 100 مليون درهم دُفعت لمحامين دوليين ومكاتب استشارية، حيث تم التعاقد مع خبراء قانونيين من أوروبا وأمريكا لمواجهة الفريق الإماراتي.
- الدراسات والخبراء: تم تخصيص 40 مليون درهم لدراسات اقتصادية وتقارير فنية، بالإضافة إلى رواتب خبراء التحكيم والشهود.
- السفر والتنقل: حوالي 25 مليون درهم لسفر الوفود إلى جلسات التحكيم في دول مثل سويسرا ودبي.
- رسوم المحكمة: الباقي من المبلغ دفع كرسوم إدارية وغرامات محتملة.
هذا الإنفاق يُعد عبئًا ثقيلًا على خزينة الدولة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان، حيث يواجه البلاد نقصًا حادًا في التمويل للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. وفي تصريحات لوسائل إعلامية، قال مصدر مطلع في سلطة بورتسودان: "كنا نعتقد أن هذه الدعوى ستعيد لنا الملايين، لكننا الآن نجد أنفسنا ندفع ثمنًا باهظًا لخطأ في التقدير".
العواقب والدروس المستفادة: دروس من الخسارة
تُعد هذه الخسارة أكثر من مجرد هزيمة قضائية؛ إنها انعكاس لمشكلات أعمق في إدارة المشاريع الدولية في السودان. على سبيل المثال، أكد خبراء اقتصاديون أن هذا الإنفاق غير المبرر يعزز من الشكوك حول كفاءة الجهات الحكومية في اتخاذ قرارات مدروسة. في حديث لصحيفة "السودان اليوم"، قال الخبير القانوني د. أحمد السوداني: "هذه القضية تكشف عن نقص في الاستشارات القانونية المبكرة وتقييم المخاطر قبل الدخول في معارك دولية. الدعاوى الدولية تكلفة عالية، ويجب أن تكون مدعومة بأدلة قوية".
من جانب آخر، أثار هذا الأمر انتقادات حادة من النواب في البرلمان السوداني، الذين وصفوا الإنفاق بـ"الإسراف في أموال الشعب". في جلسة استجواب، قال النائب محمد العباسي: "بينما يعاني المواطنون من الفقر، نجد أنفسنا نضيع ملايين الدولارات في دعاوى خاسرة. يجب مراجعة آليات الرقابة على مثل هذه الإنفاقات".
على المستوى الدولي، قد يؤثر هذا القرار على سمعة السودان في التعاملات التجارية، حيث قد يتردد المستثمرون الأجانب في التعامل مع الجهات الحكومية السودانية خوفًا من المخاطر القضائية. ومع ذلك، هناك أمل في أن تؤدي هذه التجربة إلى إصلاحات، مثل تعزيز الشراكات مع محترفين قانونيين دوليين قبل رفع أي دعاوى مستقبلية.
خاتمة: حان الوقت للتعلم من الأخطاء
في النهاية، يمثل إنفاق 185 مليون درهم في دعوى خاسرة ضد الإمارات درسًا قاسيًا للسودان. بدلاً من كسب تعويضات، وجدت سلطة بورتسودان نفسها في حفرة مالية عميقة، مما يؤكد على أهمية الرؤية الاستراتيجية والرقابة الفعالة في إدارة النزاعات الدولية. مع تزايد التحديات الاقتصادية، يجب على الحكومة السودانية إعادة تقييم سياساتها لتجنب تكرار مثل هذه الأخطاء، وتوجيه الموارد نحو بناء مستقبل أكثر استدامة للبلاد.
هل كانت هذه الدعوى قرارًا خاطئًا منذ البداية؟ الإجابة تبقى في يد صناع القرار، لكن الشعب السوداني يدفع الثمن الآن. قد تكون هذه القضية نقطة تحول نحو إصلاحات حقيقية في إدارة الموارد العامة.
تعليقات