ألقت الدكتورة رانيا المشاط، في بيانها أمام مجلس الشيوخ، الضوء على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، مشددة على التحسينات الملحوظة في أداء الاقتصاد المصري رغم التحديات الإقليمية. تشير الخطة إلى تحول اقتصادي متوازن يعزز الاستقرار والنمو المستدام، مع التركيز على دعم القطاعات غير البترولية، وتحفيز الاستثمارات لمواجهة الظروف الجيوسياسية.
الاستثمارات في التنمية البشرية
تظهر ثمار الإصلاحات الاقتصادية في مصر من خلال تحسن مؤشرات النمو، حيث سجل النمو الاقتصادي 3.5% في الربع الأول من العام المالي 2024/2025، ثم ارتفع إلى 4.3% في الربع الثاني، مع توقعات بلوغ معدل النمو حوالي 4% للعام ككل. هذا التحسن يعزى إلى دعم الصناعات التحويلية غير البترولية، إلى جانب تعافي قطاعي السياحة والتكنولوجيا، على الرغم من التأثيرات السلبية على قناة السويس بسبب التوترات الخارجية. وثيقة الخطة تتبع نهجًا توازنيًا يركز على تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على الصمود أمام الأزمات، مع استغلال الفرص لتحقيق نمو شامل يجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما أن هذه الخطة هي الأولى بعد دمج وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، حيث ترتبط بالإطار الاستراتيجي “الاستدامة والتمويل من أجل التنمية”، الذي يربط الخطط الوطنية بالمصادر المالية المحلية والدولية، مع الالتزام بترشيد الإنفاق العام ليصل إلى سقف محدد.
أحد أبرز مرتكزات الخطة هو تعزيز الاستثمارات في التنمية البشرية، حيث تصل الاستثمارات الكلية لقطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي إلى حوالي 700 مليار جنيه في عام 2025/2026، وهو ما يمثل زيادة تزيد عن 56% مقارنة بالعام السابق 2024/2025، الذي بلغت فيه 447 مليار جنيه. من الاستثمارات العامة، خصصت الخطة نحو 327 مليار جنيه للتنمية البشرية، بما يعادل أكثر من 28% من الإنفاق العام، مما يعكس التركيز على بناء الإنسان كأساس للتنمية المستدامة. هذا النهج يتجاوز الإصلاحات التقليدية ليشمل برنامجًا وطنيًا للإصلاحات الهيكلية في ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي، تحسين البيئة الاستثمارية لتعزيز دور القطاع الخاص، ودعم الانتقال إلى اقتصاد أخضر يعتمد على القطاعات التصديرية ذات القيمة المضافة العالية.
نهج التطوير الاقتصادي
يؤكد نهج التطوير الاقتصادي في الخطة على مواصلة التدابير لتحسين بيئة الاستثمار، من خلال تقديم حوافز وتسهيلات للقطاع الخاص، وخفض تكاليف التعاملات لتشجيع النشاط الاقتصادي. كما يشمل الخطة تعزيز الابتكار وريادة الأعمال من خلال مجموعة وزارية متخصصة، تهدف إلى دعم الشركات الناشئة لتحقيق نمو متسارع يعتمد على التنافسية والمعرفة. بالإضافة إلى ذلك، تركز الخطة على تطوير الصناعات المحلية والواعدة التي تعتمد على التقنية والابتكار، لتعميق التصنيع وتعظيم القيمة المضافة. من جانب آخر، يتم إعداد الخطة ضمن إطار موازني متوسط الأجل (2025/2026 حتى 2028/2029)، بطريقة تشاركية تتوافق مع قوانين التخطيط والمالية العامة، مع استخدام أدوات تخطيطية حديثة لتحسين كفاءة الاستثمار العام ومتابعة التمويلات الدولية. هذا النهج يعكس التزام الحكومة بتحقيق نموذج اقتصادي جديد يركز على التنمية الشاملة، مع خلق فرص عمل منتجة وتعزيز القدرات الإنتاجية، مما يضمن استمرارية الإصلاحات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة على المدى الطويل. في الختام، يبرز الجهد في تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق رؤية اقتصادية تنافسية ومستقرة.
تعليقات