الإمارات تنفي سرديات سلطة بورتسودان حول دورها الإنساني

الإمارات: سرديات سلطة بورتسودان حول دورنا الإنساني «تضليلية وكاذبة وباطلة»

مقدمة: الخلفية المتوترة للنزاع السوداني

في ظل النزاع المستمر في السودان بين الجيش السوداني وقوات المليشيات المسلحة، مثل قوات السريعة، يبرز دور الإمارات العربية المتحدة كملف مثير للجدل. اتهمت الإمارات مرات عديدة بتقديم دعم عسكري لأطراف الصراع، مما أثار تساؤلات حول طبيعة مشاركتها الحقيقية في المنطقة. في هذا السياق، أصدرت الإمارات العربية المتحدة بيانًا رسميًا يصف سرديات سلطة ميناء بورتسودان حول دورها الإنساني بأنها «تضليلية وكاذبة وباطلة». هذا الاتهام يفتح بابًا واسعًا لمناقشة الدور الفعلي للإمارات في السودان، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية للكشف عن الحقيقة في منطقة تُعاني من أزمة إنسانية حادة.

سلطة ميناء بورتسودان، وهي إحدى الجهات الحكومية الرئيسية في السودان، ادعت في وقت سابق أن الإمارات تقدم مساعدات إنسانية عبر ميناء بورتسودان، مما يساهم في تعزيز الجهود الإغاثية للمدنيين. ومع ذلك، يرى الجانب الإماراتي أن هذه السرديات جزء من حملة إعلامية مقصودة لتشويه الصورة، وذلك في محاولة لإخفاء أجندات أخرى.

سرديات سلطة بورتسودان: بين الادعاء والواقع

تدعي سلطة ميناء بورتسودان، التي تشرف على إحدى أكبر الموانئ في السودان، أن الإمارات لعبت دورًا إيجابيًا في تقديم المساعدات الإنسانية، مثل الإمدادات الطبية والغذائية، خلال الأزمة. وفقًا لهذه السرديات، ساهمت السفن الإماراتية في نقل الموارد الإغاثية إلى مناطق النزاع، مما يعكس التزامًا دوليًا بالمبادئ الإنسانية. هذه الرواية تم ترويجها من خلال بيانات رسمية وبعض التقارير الإعلامية التي ركزت على الصور الإيجابية للإمارات كداعم للسلام.

ومع ذلك، تصف الإمارات هذه الادعاءات بأنها «تضليلية» لأنها، بحسب بياناتها الرسمية، لا تعكس الواقع. في بيان صادر عن وزارة خارجية الإمارات، وصف المسؤولون هذه السرديات بأنها «كاذبة وباطلة»، مدعين أنها جزء من حملة تصفية حسابات سياسية. ويشيرون إلى أن الإمارات لم تشارك في أي دعم إنساني مباشر عبر ميناء بورتسودان، بل ركزت جهودها على المبادرات الدبلوماسية والمساعدات التي تأتي من خلال منظمات دولية مرموقة مثل الصليب الأحمر أو الأمم المتحدة.

الأدلة على الكذب: تقارير دولية تكشف الوجه الآخر

ليس من قبيل الصدفة أن يتم وصف هذه السرديات بالكاذبة، حيث تشير تقارير دولية متعددة إلى تورط الإمارات في دعم عسكري لقوات المليشيات في السودان. على سبيل المثال، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) تقريرًا يفيد بأن الإمارات قامت بتزويد قوات السريعة بالأسلحة عبر موانئ مختلفة، بما في ذلك بورتسودان، مما يعزز الجانب العسكري بدلاً من الإنساني. كما أكدت الأمم المتحدة في تقريرها الأخير أن هناك دليلاً على استخدام موانئ سودانية لنقل الأسلحة، وهو ما يتعارض مع الادعاءات الإنسانية.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت وسائل إعلام مستقلة إلى أن بعض السفن التي كانت تُزعم أنها تحمل مساعدات إنسانية، كانت في الواقع تشارك في عمليات تهريب أسلحة. هذه الحقائق تجعل من سرديات سلطة بورتسودان «باطلة»، كما يدعي الجانب الإماراتي، لأنها تتجاهل السياق الأوسع للنزاع. يرى محللون أن هذه التقارير تعكس محاولة لاستخدام القناع الإنساني لتغطية أنشطة أخرى، مما يضر بسمعة الإمارات دوليًا.

التحليل: آثار الاتهامات على النزاع والعلاقات الدولية

يُعد هذا الصدام اللفظي بين الإمارات وسلطة بورتسودان دليلاً على تعقيدات السياسة الدولية في المناطق المتضررة من الصراعات. من جانب واحد، تسعى الإمارات إلى الحفاظ على صورتها كقوة إقليمية ملتزمة بالاستقرار، خاصة بعد انتقاداتها الدولية بسبب تورطها في اليمن وسودان. من الجانب الآخر، قد تكون سلطة بورتسودان تستخدم هذه السرديات كأداة في الصراع الداخلي لتعزيز موقفها ضد خصومها.

ومع ذلك، يؤدي مثل هذا الجدل إلى تعزيز الشكوك حول كل الأطراف، مما يعيق الجهود الإنسانية الحقيقية. في وقت يعاني فيه السودانيون من نقص في الغذاء والدواء، يصبح من الضروري فصل الدعاية عن الواقع لضمان وصول المساعدات الحقيقية. كما أن هذه الاتهامات قد تؤثر على العلاقات بين الإمارات والسودان، خاصة مع وجود تهديد بالعقوبات الدولية على الأطراف المتهمة بالتدخل العسكري.

خاتمة: نحو الحقيقة والسلام

في النهاية، يبدو أن سرديات سلطة بورتسودان حول دور الإمارات الإنساني ليست سوى جزء من لعبة الاتهامات التي تخدم أجندات سياسية. الإمارات، من خلال وصفها لهذه السرديات بأنها «تضليلية وكاذبة وباطلة»، تطالب بإعادة النظر في الروايات السائدة وتأكيد الحقائق من خلال التحقيقات الدولية. ومع ذلك، يبقى السؤال: كيف يمكن للأطراف المعنية أن تعمل على شفافية حقيقية لإنهاء الأزمة الإنسانية في السودان؟

في ظل هذا الواقع، يجب على الجميع – الحكومات، المنظمات الدولية، والمجتمع المدني – العمل معًا للكشف عن الحقيقة وضمان أن تسير المساعدات نحو السلام لا نحو الصراع. فالسودانيون هم الضحايا الأكبر، وهم الذين يستحقون أكثر من مجرد كلمات تتطاير في الإعلام.