الشورى يصدر قراراً بتشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية وشؤون المفقودين

في خطوة تاريخية نحو استعادة حقوق الضحايا في سوريا، أعلنت السلطات الجديدة تشكيل هيئتين مختصتين بالعدالة الانتقالية والمفقودين، كجزء من جهود لإنهاء ميراث الانتهاكات التي شهدتها البلاد خلال النزاع الطويل.

العدالة الانتقالية في سوريا

تتعهد الحكومة السورية ببناء نظام عدالة انتقالية شاملة، يشمل محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت خلال النزاع الذي بدأ عام 2011. هذه الخطوة تأتي وسط دعوات دولية لضمان عدم تكرار الانتهاكات، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. القوى الجديدة تسعى إلى معالجة الجرائم الجسيمة مثل التعذيب والقتل والإخفاء القسري في السجون، حيث تم القبض على العديد من العناصر الأمنية السابقة المشتبه بتورطهم في جرائم حرب. الرئيس أحمد الشرع وقع مرسومًا لتأسيس هيئة متخصصة، يرأسها عبدالباسط عبداللطيف، وتكلف بكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين، بالإضافة إلى جبر الضرر للضحايا وتعزيز المصالحة الوطنية. سيكون على هذه الهيئة تشكيل فريق عمل ووضع آليات داخلية خلال 30 يومًا، لضمان تنفيذ خطط شاملة.

محاسبة الانتهاكات والمفقودين

بالإضافة إلى هيئة العدالة الانتقالية، أصدرت السلطات قرارًا بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين، التي تهدف إلى كشف مصير آلاف الضحايا الذين اختفوا قسرًا خلال النزاع. هذه الهيئة، برئاسة محمد رضا خلجي، ستتولى مهمة توثيق الحالات وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، مع تقديم دعم قانوني وإنساني لعائلات المفقودين. يُعتبر ملف المفقودين والمعتقلين من أكثر التحديات تعقيدًا في مرحلة ما بعد الإطاحة بالنظام السابق، حيث يصل عددهم إلى عشرات الآلاف، ويشكل ذلك جزءًا من الجهود الشاملة للشفاء الوطني. النزاع الذي اندلع عام 2011 من احتجاجات سلمية معارضة للأسد، سرعان ما تحول إلى حرب مدمرة، تركت آثارًا عميقة على المجتمع السوري.

وفي هذا السياق، تعمل هذه الهيئات على دمج مبادئ عدم التكرار مع الشفافية، لضمان أن يتم التعامل مع كل جوانب المأساة. على سبيل المثال، ستركز الهيئة على جمع الشهادات والأدلة لإحقاق العدالة، مع التعاون مع المنظمات الدولية لتعزيز الجهود. هذا النهج يهدف إلى بناء ثقة جديدة بين السوريين، من خلال إعادة تأسيس قواعد الحكم وقانونية الدولة. بالرغم من التحديات، إلا أن هذه الخطوات تمثل بداية حقيقية نحو إعادة السلام والاستقرار، حيث يسعى السوريون لإغلاق صفحة مظلمة من تاريخهم وفتح صفحة أمل جديدة. التركيز على جبر الضرر يشمل برامج دعم نفسية واقتصادية للعائلات المتضررة، مع ضمان أن يتم تفعيل آليات الوقاية لمنع حدوث مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. عبر هذه الجهود المنظمة، تهدف سوريا إلى تحقيق مصالحة شاملة، تجمع بين العدالة والتسامح، لتشكيل أساس متين للمجتمع الجديد.