تقرير يحذر: ميزانية ترامب لناسا تهدد تتبع الكويكبات الخطيرة

في الآونة الأخيرة، أثار اقتراح ميزانية الإدارة الأمريكية جدلاً واسعاً بين خبراء الفضاء، حيث يتعلق الأمر بالتقليص المفاجئ لتمويل وكالة ناسا، مما يهدد برامجها الحيوية للحماية من التهديدات الكونية. شهد اجتماع لجنة الفضاء والعلوم والتكنولوجيا في مجلس النواب مناقشات حادة حول كيفية تعزيز القدرات في مجال تتبع الكويكبات الخطرة، خاصة بعد الحادث القريب المتمثل في الكويكب 2024 YR4، الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى كارثة لو لم يتم تحديد مساره بدقة. هذه المخاوف تبرز أهمية الاستثمار في أدوات الرصد والتدخل المبكر، لكن الاقتراحات الاقتصادية الحالية قد تعيق هذه الجهود.

خطة ميزانية ترامب لناسا تثير المخاوف حول تتبع الكويكبات الخطيرة

مع زيادة الوعي تجاه التهديدات الفضائية، أصبح تتبع الكويكبات الخطرة أحد الأولويات الرئيسية للوكالة الفضائية الأمريكية. خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة مجلس النواب، ركز العلماء على التحديات التقنية المرتبطة بمهمة مسح الأجسام القريبة من الأرض (NEO)، والتي من المقرر أن تكشف عن آلاف الكويكبات المحتملة التصادم مع كوكبنا. هذه المهمة تعتبر حجر الزاوية في تحسين قدرات الكشف المبكر، مما يسمح بتحديد أي كويكب قد يشكل خطراًً حقيقياً، مثل الحالة الأخيرة مع كويكب 2024 YR4، الذي أثار ذعراً عالمياً قبل أن يتم الإعلان عن سلامته. ومع ذلك، يهدد اقتراح ميزانية الإدارة الخفض بنسبة 24% من إجمالي تمويل ناسا للسنة المالية القادمة، مع تركيز أكبر على خفض البرامج العلمية بنسبة 47%. هذا التغيير الدراماتيكي، الموصوف بأنه “أكبر خفض سنوي في تاريخ الوكالة”، قد يؤثر بشكل مباشر على القدرة على تنفيذ هذه المهام الحيوية، مما يعرض الأرض لمخاطر متزايدة من الاصطدامات غير المتوقعة.

في هذا السياق، عبّرت بعض الشخصيات السياسية عن قلقها الشديد. على سبيل المثال، أكدت النائبة فاليري فوشي خلال جلسة الاستماع أن هذا الاقتراح لن يعيق فقط التقدم العلمي، بل يهدد بتهميش ناسا ككل. قالت إنه “يُخاطر بأمننا الاقتصادي والوطني، ويُسلم زمام الأمور في مجال الفضاء لمنافسينا العالميين، مما يضعف موقع الولايات المتحدة كقائدة في الابتكار والتكنولوجيا”. هذه التصريحات تسلط الضوء على الجوانب الاستراتيجية للموضوع، حيث يتجاوز الأمر مجرد الاهتمامات العلمية ليشمل التنافس الدولي والأمن القومي.

التحديات في رصد الجرم القريب من الأرض

بينما يستمر النقاش حول تأثير الميزانية، يبرز التحدي الأكبر في رصد الجرم القريب من الأرض، حيث يتطلب ذلك تكنولوجيا متطورة وتمويلاً مستمراً. الجهود الحالية تتركز على تحسين أجهزة الرصد والنماذج التنبؤية للكويكبات، لكن أي انخفاض في التمويل قد يؤدي إلى تأخير هذه المشاريع أو إلغائها تماماً. على سبيل المثال، مهمة NEO، التي كانت محل إشادة واسعة، تهدف إلى اكتشاف المئات من الكويكبات الكبيرة التي قد تكون غير مرصودة حالياً، مما يزيد من فرصة التصدي لأي كارثة محتملة. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن خفض التمويل بنسبة كبيرة سيقلل من عدد المهام الميدانية والأبحاث، مما يعرض العالم لمخاطر غير محسوبة.

في الختام، يمكن القول إن تأثير خطة الميزانية هذه يمتد إلى ما هو أبعد من ناسا، حيث يتعلق بقدرة البشرية على الدفاع عن كوكب الأرض. من الضروري إعادة النظر في هذه الاقتراحات لضمان استمرارية الجهود في تتبع الكويكبات الخطرة، خاصة في عصر يشهد تقدماً سريعاً في استكشاف الفضاء. الاستثمار في هذه البرامج ليس ترفاً، بل ضرورة للحفاظ على الأمن العالمي وتعزيز الابتكار، مما يضمن أننا مستعدون لمواجهة أي تهديدات مستقبلية قد تطرحها الكون. بشكل أعمق، يجب أن يتجاوز النقاش الحالي الحدود السياسية ليصبح حواراً عالمياً يعزز التعاون بين الدول لمواجهة هذه التحديات المشتركة، مؤكداً على أن حماية كوكبنا هي مسؤولية جماعية.