نيفين مسعد تكشف في حوار “المصري اليوم”: هل أصبحت العلاقات بين مصر والسعودية خالية من الخلافات؟
قالت الدكتورة نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن التعاون بين مصر والسعودية كان دائمًا محوريًا في مواجهة التحديات العربية الكبرى. على سبيل المثال، عملتا جنبًا إلى جنب مع سوريا في السابق لتشكيل ما يُعرف بـ”مثلث القيادة” في النظام الإقليمي العربي. هذا التعاون تجلى في اجتماع الملك فهد بن عبد العزيز مع الرئيس محمد حسنى مبارك والرئيس حافظ الأسد في الإسكندرية عام 1995، حيث اتفقوا على إحياء القمم العربية بعد توقفها لخمس سنوات عقب غزو العراق للكويت في عام 1990. كما أبرزت دور السعودية البارز في دعم مصر خلال أزمات عدة، مثل دعم دول المواجهة بعد حرب 1967 وفي ذروة حرب أكتوبر 1973، بالإضافة إلى دعمها المالي والسياسي لمصر في عام 2013، حينما رد الراحل الأمير سعود الفيصل على تهديدات الاتحاد الأوروبي بقطع المساعدات بكلمات قوية، مؤكدًا أن “الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكاناتها، وستقدم يد العون لمصر دون تردد”.
علاقات مصر والسعودية في السياسة العربية
في سياق هذه العلاقات الوثيقة، تؤكد الدكتورة مسعد أن الرؤية المشتركة بين البلدين كانت داعمة للقضايا العربية الرئيسية، مثل رفض تصفية القضية الفلسطينية ومواجهة الأحلاف العسكرية التي تهدد التوازن الإقليمي. هذا التعاون لم يكن خاليًا من الاختلافات، فهناك تاريخ من التباينات بين مصر والسعودية، سواء في الدور المصري في اليمن أو في استراتيجية التعامل مع الصراع السوري قبل سقوط نظام بشار الأسد. على الرغم من ذلك، فإن هذه الاختلافات لا تغطي على المصالح المشتركة الواسعة، حيث يتفقان على ضرورة الحفاظ على توازن القوى الإقليمية لمنع انتشار النفوذ الإسرائيلي. هذه العناصر تجعل العلاقة بين البلدين نموذجًا للتعاون الإقليمي، الذي يجب توسيعه لمواجهة التحديات المستقبلية، مثل التهديدات الخارجية التي قد تفرض حربًا على مصر. وفقًا للدكتورة مسعد، فإن دعاة مثل هذه الحروب غالبًا ما يغفلون التبعات الوخيمة، مما يؤكد أهمية الحوار والتنسيق بدلاً من التصعيد.
التعاون بين القاهرة والرياض
من جانب آخر، يمكن النظر إلى التعاون بين مصر والسعودية كأحد أبرز نماذج الشراكة في الشرق الأوسط، حيث يعكس تاريخًا طويلًا من الدعم المتبادل في مواجهة الأزمات. على سبيل المثال، ساهمت السعودية بشكل فعال في دعم مصر اقتصاديًا وسياسيًا، خاصة خلال الفترة التي تلت ثورات الربيع العربي، مما ساعد في تعزيز استقرار المنطقة. هذا التعاون ليس مقتصرًا على المسائل الأمنية، بل يمتد إلى القضايا الاقتصادية والثقافية، حيث تشتركان في رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة العربية. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا حول كيفية إدارة الاختلافات، مثل تلك المتعلقة بالسياسات اليمنية أو السورية، دون أن تؤثر على الروابط الأساسية. الدكتورة مسعد تشدد على أن المساحات المشتركة، مثل رفض أي اتفاق يعزز الهيمنة الإسرائيلية أو تهميش القضية الفلسطينية، هي الأساس لتعزيز الشراكة. في ظل التطورات الجيوسياسية الحالية، يبرز دور هذا التعاون في تعزيز السلام والاستقرار، مع الحرص على عدم الوقوع في فخ الصراعات غير الضرورية. كما أن التحديات المستقبلية، مثل إمكانية فرض حرب على مصر، تتطلب من القاهرة والرياض تعزيز جهودهما المشتركة لتجنب التبعات الكارثية. في النهاية، يمكن القول إن هذه العلاقة ليست مجرد تحالف سياسي، بل هي جزء أساسي من منظومة الأمن العربي، حيث يجب الاستمرار في توسيعها لمواجهة التحولات الإقليمية. هذا النهج يساهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا للشرق الأوسط ككل.
تعليقات