أعلنت الدكتورة رانيا، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الإعلان الأمريكي عن تعريفات جمركية متنوعة على دول أخرى أدى إلى حالة من عدم اليقين في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، أشارت إلى التصريحات الأخيرة من الجانب الأمريكي حول إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري قد يعزز الاستقرار في الأسواق الناشئة ويحقق تأثيرات إيجابية. في هذا السياق، تؤكد مصر على سعيها لتحويل نموذج الاقتصاد الوطني نحو الاعتماد على القطاعات القابلة للتداول والتصدير، مع الاستفادة من حزمة السياسات التصحيحية التي أطلقتها الحكومة في مارس 2024. هذه السياسات، التي تشمل إجراءات نقدية ومالية، ساهمت في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، حيث برز القطاع غير البترولي كأبرز محرك للنمو في مصر مؤخراً.
التنمية الاقتصادية في مصر
في الربع الثالث من عام 2024/2025، حقق نشاط الصناعة التحويلية غير البترولية نمواً بلغ 17.7%، مدعوماً بزيادة في الإنتاج الصناعي نتيجة تسهيلات الإفراج الجمركي عن السلع. تعزز هذا النمو من قاعدة صناعية قوية في مصر، بالإضافة إلى سوق واسعة وموارد متنوعة وبنية تحتية متطورة تشمل شبكة الطرق والموانئ، مما يجعل البلاد أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية. كما تشمل التنمية الاقتصادية في مصر محاور متعددة مثل الاستثمار في التنمية البشرية، والاستثمار الأجنبي المباشر، والصناعة، وريادة الأعمال. تقوم الوزارة بإعداد الخطة الاقتصادية والاجتماعية سنوياً وتقدمها إلى مجلس النواب، مع التركيز على مصادر التمويل مثل الموازنة العامة والتمويلات الخارجية الموجهة للقطاعات الإنتاجية لتحقيق مردود اقتصادي مستقبلي. من الأمثلة البارزة مشروع صوامع تخزين القمح في شرق بورسعيد، الذي تم تمويله بالتعاون مع صندوق أوبك للتنمية الدولية، إذ يدعم التصدير ويستفيد من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في تلبية الاحتياجات الإقليمية عبر اتفاقيات دولية.
بالإضافة إلى ذلك، تعزز مصر شراكاتها الاستراتيجية مع مؤسسات التمويل الدولية، حيث تم استعراض مشاريع ناجحة خلال اجتماعات الربيع السنوية للبنك الدولي. هذا أدى إلى طلب دول مثل الأردن والعراق من الشركات المصرية تنفيذ مشاريعها، مما يعكس الثقة الدولية في قدرة مصر على استخدام التمويلات الميسرة بكفاءة. تشمل هذه الشراكات برنامج “تكافل وكرامة” مع البنك الدولي، وبرنامج التأمين الصحي الشامل بالتعاون مع الوكالة اليابانية والوكالة الفرنسية، بالإضافة إلى مشروع مترو الأنفاق الذي حصل على تمويل ميسر لتوفير التكنولوجيا اللازمة. في هذا الإطار، تعمل مصر على إعداد استراتيجية شاملة لدفع النمو والتوظيف، بالتنسيق مع الجهات الوطنية، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل الاستثمار الأجنبي المباشر والتنمية الصناعية.
تحقيق النمو الاقتصادي
يأتي هذا التحول في موازاة مع السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي ستعلن تفاصيلها في يونيو المقبل، وتشمل محاور رئيسية مثل استقرار الاقتصاد الكلي، استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، استراتيجية الصناعة، والوظائف في سوق العمل. هذه السردية تتوافق مع رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة، إذ يتم التنسيق من خلال المجموعة الوزارية للتنمية الاقتصادية لصياغة سياسات متكاملة. على سبيل المثال، خصصت خطة العام المالي 2025/2026 أكثر من 45% من الاستثمارات لقطاعي الصحة والتعليم، مع دعم لريادة الأعمال. كما تتمتع مصر بعلاقات شراكة مميزة مع دول ومؤسسات دولية، كما في زيارة رئيس الجمهورية إلى اليونان التي فتحت آفاقاً للشراكات التجارية. فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، تشمل الشراكة ضمانات استثمار بقيمة 1.8 مليار يورو للقطاع الخاص، بالإضافة إلى التمويلات الميسرة التي بلغت 15 مليار دولار بين 2020-2024، مع تفوق التمويلات للقطاع الخاص في عام 2024.
منصات مثل “حافز” توفر دعماً فنياً وتمويلاً ميسراً، بينما تساهم منصة “نوفي” في جمع التمويلات لمشاريع الطاقة المتجددة بقوة تصل إلى 4 جيجا وات بقيمة 4 مليارات دولار. هذه الشراكات، مع مؤسسة التمويل الدولية والبنك الأوروبي، تعزز جاذبية الاستثمار الأجنبي. أما فيما يتعلق بحوكمة الإنفاق، فإن مصر تفرض سقوفاً للإنفاق لضمان الاستقرار الاقتصادي، مع الأولوية للمشروعات ذات التنفيذ العالي، مثل برنامج تكافل وكرامة كشبكة أمان اجتماعي. وأخيراً، تبرز الميزات التنافسية في قطاعات مثل صناعة الملابس الجاهزة، الزراعة، الاتصالات، والسياحة، حيث يشهد العالم نمواً في زيارات السياح إلى مشروع المتحف المصري الكبير هذا العام.
تعليقات