في عام 2024، شهدت ساحة التقنية تطوراً كبيراً في معركة حماية خصوصية المستخدمين، حيث أدينت شركة جوجل بممارسات تتبع غير مصرح بها، مما أدى إلى فرض غرامة مالية هائلة. هذه الحادثة تكشف عن التحديات المتزايدة التي تواجه شركات التكنولوجيا في ضمان الالتزام بقوانين الخصوصية.
غرامة 1.375 مليار دولار على جوجل بسبب تتبع المستخدمين دون إذن
في قرار قضائي بارز، فرضت غرامة قيمتها 1.375 مليار دولار أمريكي على جوجل بعد إثبات أنها قامت بتتبع وتخزين بيانات المستخدمين، مثل موقع الأجهزة والتعرف على الوجوه، دون الحصول على موافقتهم الصريحة. هذه القضية، التي رفعتها ولاية تكساس في عام 2022، تعد الأكبر من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تجاوزت الغرامة السابقة التي دفعتها جوجل في 2022، والتي بلغت 391.5 مليون دولار، لتسوية شكاوى مع 40 ولاية. المدعي العام لتكساس، كين باكستون، وصف هذا القرار بأنه “انتصار كبير لخصوصية سكان الولاية”، مؤكداً أنه يرسل رسالة قوية إلى شركات التقنية بأنها ستتحمل عواقب انتهاك ثقة المستخدمين. من جانب جوجل، أعلن المتحدث الرسمي خوسيه كاستانيدا أن الشركة قد قامت بتعديل سياساتها السابقة منذ فترة طويلة، وأن هذه التسوية تسمح بإغلاق هذا الملف ومواصلة تحسين أدوات الخصوصية للمستخدمين.
عقوبة تاريخية تعزز حماية البيانات
تشمل هذه العقوبة اتهامات بأن جوجل استمرت في تتبع سجلات البحث حتى في وضع التصفح الخفي، مما يعني أن البيانات الشخصية كانت تُجمع دون إخطار واضح. كجزء من التسوية، تعهدت جوجل بتعديل لغة سياسة خصوصيتها لتوضيح كيفية استخدامها للبيانات، مما يهدف إلى تعزيز الشفافية ومنع تكرار مثل هذه الممارسات. هذا القرار يأتي في سياق ضغوط متزايدة على جوجل، حيث يشير تقرير صادر عن شركة “Surfshark” للأمن السيبراني إلى أن متصفح “Google Chrome” يعتبر الأكثر انتهاكاً للخصوصية، إذ يجمع كميات هائلة من البيانات الشخصية مثل جهات الاتصال، الصور، الفيديوهات، الموقع الجغرافي، وسجلات التصفح. وفي السياق نفسه، كانت تكساس قد حققت تسوية أخرى مع شركة “ميتا” في 2023 بقيمة 1.4 مليار دولار بسبب استخدام بيانات بيومترية دون إذن عبر منصات مثل فيسبوك وإنستغرام، مما يعكس نمطاً متزايداً من التدقيق القانوني.
من ناحية أخرى، تواجه جوجل ضغوطاً قانونية إضافية، خاصة مع الدعوى الكبرى من وزارة العدل الأمريكية التي تتهمها بالاحتكار. هذه الدعوى تشمل اقتراحات مثل إجبار جوجل على بيع متصفح “كروم”، الذي يسيطر على 35% من سوق البحث العالمي، أو مشاركة قاعدة بيانات البحث مع المنافسين الأصغر. جوجل تنفي هذه الاتهامات، مصرة على أن نجاحها يعود إلى الابتكار وليس إلى سلوك احتكاري، وتوصف هذه المقترحات بأنها “خطرة وغير منطقية”. من المتوقع أن تصدر الحكومة الأمريكية قرارها النهائي حول هذه القضية بحلول نهاية الصيف الجاري، مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في سوق التقنية. في النهاية، يبدو أن هذه الأحداث تشكل مرحلة جديدة من التشريعات التي تهدف إلى حماية خصوصية المستخدمين، مع زيادة التركيز على الرقابة الفعالة لشركات التكنولوجيا الكبرى. هذه الغرامات ليس فقط عقوبات مالية، بل رسائل تحذيرية تدفع نحو تبني ممارسات أخلاقية أكثر في عالم الإنترنت.
تعليقات