تغيير السياسة الأمريكية في التطبيع مع إسرائيل
في خطوة تُعد تحولًا كبيرًا في السياسات الدبلوماسية، أعلنت الولايات المتحدة عن عدم الإصرار على تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل كشرط أساسي لتقدم المفاوضات حول التعاون النووي المدني. هذا التغيير يأتي في وقت يشهد ترتيبات زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية ضمن جولة إقليمية، مما يعكس رغبة واشنطن في تعزيز شراكاتها الإقليمية دون الالتزام بقيود سابقة. كانت المحادثات النووية في السابق جزءًا من اتفاق أوسع يربط بين التطوير النووي المدني والتطبيع مع إسرائيل، إلا أن هذا الارتباط أصبح أقل أهمية الآن، مما يفتح الباب لمناقشات جديدة تركز على المصالح المشتركة في مجال الطاقة. ومع ذلك، يظل الوضع معقدًا بسبب الالتزامات الدولية والقيود التقنية، حيث أكدت المملكة مرارًا أنها لن تقدم على أي خطوات نحو الاعتراف بإسرائيل دون تحقيق لمطالب الدولة الفلسطينية المستقلة.
تقدم التعاون النووي مع السعودية
رغم تخفيف الضغط على التطبيع، فإن المفاوضات النووية تواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بقانون الطاقة الذرية الأمريكي المادة 123، الذي يفرض شروطًا صارمة لمنع انتشار الأسلحة النووية، مثل تقييد عمليات تخصيب اليورانيوم. وفقًا للتقديرات، لم تعد السعودية مستعدة تمامًا للتوقيع على اتفاقية تمنع تمامًا عمليات التخصيب أو إعادة معالجة البلوتونيوم، مما يعيق الوصول إلى اتفاق شامل. ومع ذلك، يجري استكشاف حلول مبتكرة، مثل نموذج “الصندوق الأسود” الذي يسمح بإدارة منشآت التخصيب من قبل فريق أمريكي دون السماح لأطراف أخرى بالوصول إليها، مما قد يوفر توازنًا بين الأهداف الأمريكية في منع الانتشار والطموحات السعودية في تطوير قدراتها النووية المدنية. هذه الاقتراحات تبرز أهمية الابتكار في الدبلوماسية لتجاوز العقبات التقليدية.
من جانب آخر، أكدت مصادر إقليمية أن هذا التغيير في السياسة الأمريكية ليس مفاجئًا بالنسبة لإسرائيل، حيث يرتبط الأمر بمصالح اقتصادية واستراتيجية، مثل الاستثمارات السعودية الضخمة في الصناعة العسكرية الأمريكية التي قد تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار. هذا الاتفاق المحتمل يمكن أن يولد عوائد مالية هائلة للخزانة الأمريكية ويخلق آلاف فرص العمل في قطاعات الدفاع والطاقة، مما يعزز من مكانة الرئيس ترامب في تحقيق إنجازات اقتصادية. وفقًا لتصريحات رسمية، فإن أي اتفاق نهائي سيكون مرتبطًا بشرط أساسي يتمثل في توقيع اتفاقية تتوافق مع المعايير الأمريكية للأمان النووي، مع الاعتراف بوجود سبل متعددة لصياغة اتفاق يلبي أهداف الطرفين. ومع ذلك، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن أي تطورات ستبقى غير مؤكدة حتى يعلن عنها الرئيس مباشرة، مشيرًا إلى أن التقارير الحالية تعتبر تكهنات فقط. هذا النهج يعكس الحذر الدبلوماسي في التعامل مع قضايا حساسة مثل التعاون النووي والعلاقات الإقليمية، حيث تظل المفاوضات مستمرة في الخفاء لتحقيق توازن بين الأمن والتطوير الاقتصادي. في النهاية، يمثل هذا التحول فرصة لإعادة تشكيل التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، مع التركيز على بناء شراكات مستدامة تعزز السلام والاستقرار الإقليمي.
تعليقات