اقتصاد اليونان: قوة ومرونة أمام التوترات التجارية العالمية

يُعد اقتصاد اليونان مثالاً حياً على كيفية دمج القوة الداخلية مع المرونة لمواجهة التحديات العالمية، حيث يبرز قدرته على تحقيق نمو مستدام رغم التوترات التجارية. في ظل التغييرات الجيوسياسية، يستمر الاقتصاد اليوناني في تحقيق إنجازات، مدعوماً بإصلاحات حكومية واستراتيجيات تعزز الاستقرار المالي.

اقتصاد اليونان: قوة ومرونة أمام التوترات التجارية الدولية

يعكس الاقتصاد اليوناني قدرة كبيرة على مواجهة الاضطرابات الدولية، مع توقعات بأن يحقق أعلى معدل نمو في منطقة اليورو لعام 2025، وفق التنبؤات الدولية. حيث من المتوقع أن يرتفع النمو الاقتصادي في اليونان إلى 2.3% في عام 2025، مقارنة بـ2.2% في 2024، في حين يقتصر نمو اليورو بشكل عام على 1.2%. أكد رئيس الوزراء اليوناني أن البلاد جاهزة لمواجهة التعريفات الجمركية الأمريكية، مثل تلك المفروضة على الاتحاد الأوروبي بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم والسيارات، بالإضافة إلى تعريفات أحادية تصل إلى 20% على سلع أخرى. هذه الالتزامات تجسد التزام الحكومة بالحكمة المالية والإصلاحات الاقتصادية، مما يضمن استقرار البيئة الاقتصادية رغم التحديات.

النمو الاقتصادي اليوناني وسط التحديات العالمية

برزت التطورات الإيجابية في الاقتصاد اليوناني، مما دفع وكالات التقييم الدولية إلى ترقية تصنيفاته. على سبيل المثال، رفعت وكالة موديز التصنيف الائتماني إلى “بي إيه 3” من “بي إيه 1″، مشيرة إلى تحسن سريع في المالية العامة يتجاوز التوقعات، مع التركيز على استقرار البيئة السياسية والتحسينات المؤسسية. كما أن الوكالة تتوقع استمرار اليونان في تحقيق فوائض أولية كبيرة تساعد في تقليص عبء الديون المرتفعة. وفي السياق نفسه، رفعت وكالة فيتش تصنيف الديون السيادية الطويلة الأجل من “BB+” إلى “BB-“، مع نظرة مستقبلية مستقرة، مما يعزز مكانة اليونان كوجهة استثمارية محتملة.

من جانب آخر، يعتمد الاقتصاد اليوناني بشكل كبير على قطاعي السياحة والبناء كمحركين رئيسيين للانتعاش. وفق الإحصاءات الأخيرة، سجلت اليونان نحو 1.6 مليون سائح جوي دولي في الربع الأول من العام الجاري، بزيادة تجاوزت الـ77 ألف زائر مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد السياح إلى 40 مليون سنوياً بحلول عام 2028، مما يتطلب إنشاء أكثر من 80,000 فرصة عمل جديدة لتلبية الطلب المتزايد. كما بلغت عائدات قطاع السياحة نحو 20 مليار يورو في عام 2023، مع زيارة أكثر من 31 مليون سائح، مساهمة كبيرة في دعم النمو الاقتصادي.

أما فيما يتعلق بالتضخم، فقد انخفض معدل التضخم في اليونان إلى 3% في نوفمبر، مقارنة بـ3.1% في أكتوبر، وفق البيانات الرسمية. وتشير التوقعات إلى استمرار هذا الانخفاض التدريجي خلال الفترة من 2024 إلى 2026، مما يعزز الثقة في استدامة الاقتصاد. هذه التطورات تؤكد أن اليونان ليس فقط قادرة على مواجهة التوترات التجارية، بل تتجه نحو تعزيز مكانتها كاقتصاد متين في أوروبا، مدعوماً بإصلاحات شاملة وفرص نمو متنوعة. بشكل عام، يمثل هذا النمو دليلاً على أن الاقتصاد اليوناني قادر على الارتقاء بالتحديات إلى فرص، مما يجعله مصدر إلهام للاقتصادات الأخرى في مواجهة التحديات العالمية.