استقبال دافئ للإماراتيين في لبنان بعد رفع حظر السفر

بالورود.. استقبال الإماراتيين في لبنان بعد رفع الحظر عن السفر

مقدمة: عودة الروابط الإنسانية عبر الزهور

في لحظةٍ من العودة إلى الحياة الطبيعية بعد جائحة كورونا، أصبحت صورة الإماراتيين يُستقبلون في لبنان بأكاليل الورد وابتسامات دافئة رمزاً للتفاؤل والتعاون بين الشعبين. مع رفع الحظر عن السفر في أواخر عام 2021، وبعد قرارات رسمية من الحكومات المعنية، عاد الآلاف من الإماراتيين إلى لبنان، حيث يُعتبر وجهة سياحية مفضلة تاريخياً. هذا الاستقبال، الذي تميز بـ"بالورود" كرمز للترحيب، لم يكن مجرد تقليد اجتماعي، بل انعكاساً للعلاقات العميقة بين البلدين، ودعماً للاقتصاد اللبناني الذي تعرض لضربات قاسية.

خلفية رفع الحظر: من العزلة إلى الحركة

بدأت قصة هذا الاستقبال بعد أن فرضت الحكومات في الإمارات ولبنان قيوداً شديدة على السفر خلال جائحة كوفيد-19، مما أثر على حركة السياحة بين البلدين. ومع تطعيم ملايين الأشخاص وانخفاض معدلات الإصابة، أعلنت الحكومة الإماراتية في سبتمبر 2021 رفع الحظر بشكل تدريجي، متبوعاً بقرارات مشابهة من لبنان. هذا التوقيت كان حاسماً، إذ سمح للإماراتيين، الذين يشكلون جزءاً كبيراً من السياح الأجانب في لبنان، بالعودة إلى شواطئ بيروت والجبال اللبنانية.

يُذكر أن لبنان كان دائماً مقصداً للسياح الإماراتيين، خاصة في فصول الصيف والربيع، حيث يجمع بين التراث التاريخي والطبيعة الساحرة. ومع رفع الحظر، شهدت مطارات لبنان، مثل مطار رفيق الحريري الدولي، تدفقاً كبيراً من الزوار. لم يكن الاستقبال عادياً؛ فقد تم توزيع أكاليل الورود، كرمز شعبي لبناني، على الواصلين الإماراتيين، ما عكس الترحيب الحار والشكر لدعمهم السياحي السابق.

الاستقبال الدافئ: باكاليل الورد ورسالة الأمل

في المطارات اللبنانية، كان منظر الإماراتيين يُستقبلون بالورود مشهدًا إعلامياً بارزاً. على سبيل المثال، نشرت وسائل الإعلام صوراً لموظفي السياحة وهي تقدم باقات الورد الأحمر للمسافرين، مصحوبة بعبارات ترحيبية مثل "مرحباً بالأصدقاء من الإمارات". هذا التقليد لم يكن جديداً، إذ يعود إلى الثقافة اللبنانية التي تُعرف بكرم الضيافة، لكنه في هذا السياق أصبح رمزاً للإحياء بعد فترة من الغياب.

يقول أحد السياح الإماراتيين، في مقابلة لصحيفة "الإمارات اليوم"، إن "الاستقبال بالورود جعلنا نشعر بالدفء والأمان، كأننا في وطن ثانٍ. لبنان ليس مجرد وجهة سياحية، بل جزء من حياتنا الثقافية". هذه التجربة لم تقتصر على المطار؛ بل امتدت إلى الفنادق والمنتجعات، حيث أقامت بعض الشركات السياحية حملات خاصة للإماراتيين، مثل جولات في معالم بيروت التاريخية أو رحلات إلى جبل لبنان، مع تقديم هدايا تذكارية من الورود والحلويات اللبنانية.

من جانب آخر، ساهم هذا الاستقبال في تعزيز الروابط الثقافية بين الإمارات ولبنان. الشعب الإماراتي، الذي يحمل تراثاً مشتركاً مع الشعوب العربية، وجد في لبنان مزيداً من التشابه في الثقافة واللغة، مما جعل الزيارات أكثر دفئاً. كما أن رفع الحظر أعطى دفعة للاقتصاد اللبناني، حيث يُقدر أن السياحة تشكل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة. الإماراتيون، بإنفاقهم على الفنادق والمطاعم، ساهموا في توفير فرص عمل للآلاف من اللبنانيين.

تأثيرات اقتصادية وثقافية: نحو مستقبل مشرق

يعكس هذا الاستقبال بالورود تأثيرات اقتصادية إيجابية ملموسة. وفقاً لإحصائيات وزارة السياحة اللبنانية، زاد عدد السياح الإماراتيين بنسبة أكثر من 50% في الأشهر التالية لرفع الحظر، مما ساهم في استعادة بعض التوازن الاقتصادي للبنان، الذي يعاني من أزمة مالية خانقة. كما أن هذه الزيارات شجعت على تبادل الخبرات، حيث استثمرت بعض الشركات الإماراتية في مشاريع سياحية لبنانية، مثل فنادق الـ5 نجوم أو المنتجعات الصحية.

على المستوى الثقافي، أصبحت هذه الاستقبالات فرصة لتعميق الروابط، من خلال مهرجانات مشتركة أو تبادل الفعاليات الثقافية. ومع ذلك، يظل هناك تحديات، مثل الحاجة إلى تعزيز الإجراءات الصحية لضمان سلامة الزوار، والعمل على تحسين البنية التحتية السياحية في لبنان.

خاتمة: زهور السلام والتعاون

في النهاية، يمثل استقبال الإماراتيين في لبنان بالورود بعد رفع الحظر خطوة نحو استعادة الروابط الإنسانية في عالم ما بعد الجائحة. هذا الترحيب لم يكن مجرد إجراء رسمي، بل تعبيراً عن الشراكة الدائمة بين الشعبين، حيث يتجاوز السياحة الحدود ليصبح جسراً للسلام والتفاهم. مع استمرار الجهود الرسمية لتعزيز التعاون، من المتوقع أن يشهد العالم مزيداً من هذه القصص الإيجابية، حيث تستمر الورود في الازدهار كرمز للأمل والتضامن.