في عالم التعلم والعلم، تبرز قصص تذكرنا بأن الجهد الصادق يتجاوز حدود الحياة، حيث كرمت جامعة الأزهر الباحثة الراحلة أميرة محمد حسن عبد الرحمن في موقف إنساني مؤثر، مظهرة دورها كمؤسسة تعليمية تثمن الإرث العلمي.
تكريم جامعة الأزهر للباحثة الراحلة
في خطوة تؤكد على قيم الوفاء والتقدير، منحت جامعة الأزهر الدرجة العلمية في الماجستير شرفيًا للباحثة أميرة بعد وفاتها، وذلك تقديرًا لجهودها الدؤوبة رغم معاناتها مع المرض. كانت أميرة قد قضت أربع سنوات في إعداد رسالة بعنوان “جهود مفكري الإسلام في الرد على الإلحاد في الفكر المعاصر”، ضمن برنامج العقيدة والفلسفة بفرع الزقازيق. رغم التحديات الصحية التي واجهتها، استمرت في العمل بإصرار، محافظة على تواصلها مع مشرفيها حتى أثناء إقامتها في العناية المركزة، مما جعل عملها نموذجًا للإخلاص العلمي.
الرسالة نفسها، التي اعتبرت من الأبحاث المتميزة، لم تتمكن أميرة من مناقشتها شخصيًا بسبب القدر، إلا أن الجامعة قررت إجراء المناقشة بشكل خاص، بحضور لجنة الإشراف وزملائها وأسرتها. تم وضع اسمها رمزيًا على الكرسي المخصص لها، فيما تولت اللجنة الرد نيابة عنها، محولة المناقشة إلى احتفاء بمسيرتها. في ختامها، حصلت على الدرجة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وتم توثيق اسمها في مكتبة الجامعة ليظل جزءًا خالدًا من تاريخها.
هذا التكريم ليس حدثًا منفردًا، إذ سبق أن كرمت الجامعة حالات مشابهة، مثل الباحثة هانم محمود أبو اليزيد، التي منحت درجة الدكتوراه شرفيًا في مجال اللغويات بعد وفاتها، مع مناقشة رسالتها رسميًا. في كلا الحالتين، أكدت جامعة الأزهر أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل بيت للمعرفة يحتفي بالجهود الصادقة، مهما كانت الظروف. هذا النهج يعكس فلسفة الجامعة في الاحتفاء بالعلماء الراحلين، مما يلهم الأجيال الجديدة للسير على درب المعرفة بثبات.
جهود الباحثين في سبيل العلم
من المهم الإشارة إلى أن مثل هذه القصص تعزز قيمة البحث العلمي في مجتمعاتنا، حيث يستمر تأثير الباحثين الراحلين كصدقة جارية. في حالة أميرة، لم يقتصر الأمر على منح الدرجة، بل شمل توثيق إرثها الذي يتناول قضايا فكرية عميقة مثل مواجهة الإلحاد في العصر الحديث من خلال أفكار مفكري الإسلام. هذا النهج يعكس كيفية تعامل الجامعات مع التراث الفكري، محافظة على أسماء الذين ساهموا في بناء المعرفة.
بالعودة إلى سياق جامعة الأزهر، فإن هذه الممارسات تبرز دورها في دعم البحث العلمي، خاصة في مجالات العقيدة والفلسفة، التي تحتاج إلى جهود متواصلة لمواجهة التحديات المعاصرة. لقد أصبحت قصة أميرة مصدر إلهام للطلاب والأكاديميين، تذكرهم بأن الإصرار يمكن أن يحقق الإنجازات حتى بعد الرحيل. في الختام، يمكن القول إن الجامعة بهذه الخطوات تعزز ثقافة التقدير للعلماء، مما يساهم في تعزيز السياق التعليمي العام ويشجع على المزيد من الابتكار والتفاني في العمل الأكاديمي. رحم الله أميرة وجعل علمها في ميزان حسناتها، متمنيًا أن تكون قصتها درسًا للجميع في أهمية الاستمرارية في طلب المعرفة.
تعليقات