يشعر العديد من الأشخاص بتغييرات ملحوظة في مزاجهم خلال فصول السنة، خاصة عند انتقال الطقس من حار إلى بارد أو العكس. هذه التغييرات قد تكون مرتبطة بتقلبات الطقس، مثل زيادة الغيوم أو نقصان أشعة الشمس، مما يؤدي إلى ما يعرف بـ “الاضطراب العاطفي الموسمي”. هذا الاضطراب هو نوع من أنواع الاكتئاب الذي يرتبط بفترة معينة من العام، غالباً في الخريف أو الشتاء، حيث يؤثر نقص الضوء الطبيعي على كيمياء الدماغ، مما يسبب شعوراً بالإعياء والحزن. من المهم فهم هذا الاضطراب للتعامل معه بشكل فعال، حيث يمكن أن يؤثر على الحياة اليومية ويحتاج إلى تدخل طبي في بعض الحالات.
تعرف على الاضطراب العاطفي الموسمي
يعد الاضطراب العاطفي الموسمي حالة شائعة تظهر في أوقات محددة من السنة، ويعود ذلك غالباً إلى تأثير الضوء الطبيعي على هرمونات الجسم. في فصلي الخريف والشتاء، يقل طول النهار، مما يؤدي إلى تغييرات كيميائية في الدماغ قد تشمل انخفاض هرمون السيروتونين، مما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب. وفقاً للخبراء، هذا الاضطراب يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ويظهر أعراضه مثل زيادة النعاس، فقدان الرغبة في الأنشطة اليومية، والشعور بالتشاؤم. من ناحية أخرى، هناك نوع أقل شيوعاً يحدث في الربيع أو الصيف، وهو مرتبط بزيادة الحرارة والرطوبة. يمكن السيطرة على هذا الاضطراب من خلال استراتيجيات بسيطة مثل التعرض للضوء الطبيعي أو العلاجات الدوائية، مما يساعد في استعادة التوازن العاطفي.
أعراض الاكتئاب الموسمي
يتميز الاكتئاب الموسمي بمجموعة من الأعراض التي تتكرر سنوياً، مما يجعله سهل التعرف عليه إذا تم ملاحظة الأنماط المتكررة. من بين هذه الأعراض، زيادة النوم بشكل غير طبيعي أو الشعور بالنعاس الشديد خلال النهار، إلى جانب فقدان الاهتمام بأنشطة كانت تمنح المتعة سابقاً، مثل الهوايات أو الاجتماعات الاجتماعية. كما يشمل ذلك زيادة الحساسية للرفض أو الانزعاج الاجتماعي، مما يؤدي إلى الانسحاب من العلاقات، بالإضافة إلى مشاعر الذنب، اليأس، والإرهاق المستمر. قد يواجه الأشخاص صعوبة في التركيز أو التفكير بوضوح، مع زيادة الشهية نحو الطعام الحلو أو الكربوهيدرات، مما يؤدي إلى زيادة الوزن. أحياناً، تظهر أعراض جسدية مثل الصداع أو آلام غير محددة. هذه الأعراض تختلف من شخص لآخر، لكنها عادة ما تتحسن مع نهاية الفصل المعني، ومن الضروري استشارة متخصص لتمييزها عن اضطرابات نفسية أخرى. على سبيل المثال، في حال كان الاضطراب مرتبطاً بالشتاء، فإن الأعراض تبدأ في أواخر الخريف وتختفي في الصيف، بينما في الربيع، قد تكون مرتبطة بالحرارة المرتفعة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فئات معينة من الناس تكون أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي، مثل البالغين الذين يتجاوزون سن الـ20 عاماً، حيث يزداد الخطر مع تقدم العمر. النساء غالباً ما يواجهن هذه الحالة بشكل أكبر من الرجال، ربما بسبب الاختلافات الهرمونية أو العوامل البيئية. أما فيما يتعلق بالعلاج، فهناك خيارات متعددة تتناسب مع نوع الاضطراب. على سبيل المثال، التعرض لأشعة الشمس بشكل منتظم يمكن أن يقلل من الأعراض، سواء من خلال قضاء وقت في الهواء الطلق أو الجلوس قرب النافذة. كما يُوصى بالعلاج بالضوء، وهو طريقة تعتمد على استخدام مصادر ضوء اصطناعية لمدة 30 دقيقة يومياً. من ناحية أخرى، يلعب العلاج النفسي دوراً هاماً، مثل العلاج المعرفي السلوكي الذي يساعد في تغيير الأفكار السلبية وتحسين المهارات الاجتماعية للتعامل مع التوتر. في حالات أكثر شدة، قد يصف الأطباء مضادات الاكتئاب لتصحيح الخلل الكيميائي في الدماغ. كما أن اتباع نمط حياة متوازن، مثل وضع أهداف واقعية، تجنب الضغوط الزائدة، والتواصل مع الآخرين، يمكن أن يساهم في الشعور بالراحة. على سبيل المثال، المشاركة في أنشطة اجتماعية أو القيام بأعمال طيبة تجاه الآخرين قد تقلل من الشعور بالعزلة. باختصار، مع الوعي والعلاج المناسب، يمكن التحكم في هذا الاضطراب واستعادة التوازن النفسي، مما يجعل فصل السنة أكثر أماناً وإيجابية.
تعليقات