بالفيديو.. قصة مسن يحول منزله في تيماء إلى متحف مفتوح بقطع تراثية تعود بعضها إلى 200 عام!

قام لهيلم العنزي، المسن الذي يقيم في قرية الكتيب شرق محافظة تيماء، بتحويل منزله البسيط إلى متحف مفتوح يحتضن كنوزاً تراثية نادرة تعكس تاريخاً غنياً من الحياة اليومية في المنطقة. هذا الجهد الشخصي يجسد حب الإنسان لتراثه، حيث جمعت هذه المجموعة على مدار عقود من الزمن، مما يمنح الزوار فرصة فريدة للغوص في ماضي شعبهم. يعود بعض هذه القطع إلى أكثر من قرنين من الزمان، مما يجعلها شاهداً حياً على تطور الحياة في شبه الجزيرة العربية. من خلال هذا المتحف، يبرز العنزي دور الفرد في حفظ الإرث الثقافي، محولاً بيته العادي إلى وجهة تعليمية وثقافية تلهم الجيل الجديد.

المتحف التراثي المنزلي

في أعماق منزله، جمع لهيلم العنزي مئات القطع التراثية التي تروي قصصاً من الماضي، بدءاً من الأسلحة القديمة مثل الخناجر والسيوف التي كانت تُستخدم في حماية القبائل، مروراً بدلات القهوة القديمة التي كانت رمزاً للكرم والضيافة في المجتمعات البدوية. يمتد تاريخ هذه المجموعة إلى أكثر من 60 عاماً من الجهد الدؤوب، حيث كان العنزي يجمع هذه الأشياء من أسواق محلية، أو يتلقاها كهدايا من أفراد المجتمع الذين أدركوا أهميتها التاريخية. على سبيل المثال، يضم المتحف دلاء تقليدية مثل “الزبيرية”، والتي كانت تستخدم في نقل المياه عبر الجبال والصحاري بواسطة الجمال، مما يعكس طرق الحياة القديمة في البيئة القاسية. كما تشمل المعروضات أساوراً قديمة تشبه البناجر الحديثة، والتي كانت جزءاً من زينة النساء والرجال في الماضي، إلى جانب مرابط للخيل تذكرنا بحقبة الرحلات الطويلة والحروب القبلية. هذه القطع ليست مجرد أدوات عتيقة، بل هي روايات حية عن العادات والتقاليد التي شكلت هوية الشعب.

الكنوز المعروضة في التراث

يستمر المتحف في تقديم نظرة شاملة على التراث المحلي، حيث يبرز العنزي في حديثه كيف أن هذه القطع تجمع بين الجمال الفني والقيمة التاريخية. على سبيل المثال، الخناجر القديمة لا تعبر فقط عن الدفاع الشخصي، بل عن فنون الحديد التقليدية التي كانت تمارس يدوياً، مما يعكس مهارة الصناعة في العصور السابقة. أما دلات القهوة، فهي ليست أدوات طهي عادية، بل رموز للاجتماعات الأسرية والقبلية التي كانت تدور حولها حكايات وحكمة الأجيال. كما أن الزبيرية، كدلو تقليدي، تروي قصة التنقلات الطويلة عبر الصحراء، حيث كانت أداة أساسية للبداوة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل المجموعة أساوراً مزخرفة تشبه البناجر المعاصرة، والتي كانت تُصنع من مواد متاحة محلياً مثل الجلود والمعادن، مضفية لمسة فنية على الزينة اليومية. هذه العناصر تجعل المتحف مكاناً يتجاوز كونه مجرد عرض، إذ يعلم الزوار عن أهمية الحفاظ على الإرث في عالم يتغير بسرعة. يؤكد العنزي في أحاديثه أن هذا الجهد لم يكن هدفه الشخصي فقط، بل دعوة للجميع للالتفات إلى تاريخهم ودورهم في نقله إلى الأجيال القادمة. من خلال هذا المعرض، يصبح المنزل فضاءً للحوار والتعلم، حيث يزوره الأشخاص المحليون والسائحون ليستكشفوا هذه الكنوز النادرة. في النهاية، يمثل متحف العنزي نموذجاً مشرفاً لكيفية دمج التراث في الحياة اليومية، مما يحفز على المزيد من المبادرات المشابهة في المناطق الأخرى. هذا النهج يعزز فهم الشباب لأصولهم الثقافية، ويضمن أن هذه القصص تظل حية وحاضرة في المجتمع. بالفعل، إن مثل هذه المشاريع الفردية تكشف عن عمق الارتباط بالماضي، وتدفع نحو بناء مستقبل يحترم التاريخ.