الردع الصاروخي السعودي: من خداع الموساد والـCIA إلى امتلاك صواريخ رياح الشرق والباليستية المتطورة

نفذت المخابرات السعودية في عام 1987 عملية خداع مدروسة، حيث نجحت في شراء صواريخ باليستية من الصين دون أن يدرك جهاز الموساد الإسرائيلي أو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) الأمر. هذه الصواريخ، المعروفة باسم “رياح الشرق”، تم نقلها إلى المملكة بسرية تامة، مما أثار توتراً إقليمياً حاداً. سرعان ما تلقت السلطات السعودية تحذيرات استخباراتية تشير إلى نوايا إسرائيلية لاستهداف منصات إطلاق هذه الصواريخ في جنوب الرياض. في رد حاسم، أصدر الملك فهد بن عبد العزيز أوامر بإجراء رد فوري ومباشر في حالة وقوع أي هجوم إسرائيلي داخل الأراضي السعودية، مما أدى إلى إجبار إسرائيل على التراجع عن خططها العدوانية. كما أكد نائب وزير الدفاع السعودي آنذاك، الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، التزام المملكة بالرد الفوري، مشيراً إلى حالة الاستعداد العالي التي شملت انتشار الطائرات في مواقعها المخصصة ورفع درجة الاستنفار.

صواريخ الدفاع العربي

تُمثل سلسلة صواريخ “دونغ فنغ”، أو “رياح الشرق”، نموذجاً للتقدم العسكري الصيني، حيث تشمل أنواعاً متعددة من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى. حصلت السعودية على الطراز DF-3، الذي يمتاز بمدى يصل إلى 2,500 كيلومتر مع حمولة تصل إلى 2,000 كيلوجرام، وتم تصميمه أساساً ليكون قابلاً لنقل رؤوس حربية تقليدية أو متقدمة. في السنوات اللاحقة، شهدت هذه القدرات تطوراً، حيث حصلت الرياض على نسخ أكثر دقة من صواريخ DF-21، التي تتميز بدقتها العالية مع هامش خطأ دائري لا يتجاوز 30 متراً، بالإضافة إلى سرعتها الفائقة التي تعادل عشرة أضعاف سرعة الصوت. هذه التحسينات جعلتها صعباً الاعتراض، مما أدى إلى تعزيز الردع الاستراتيجي للمملكة ضد التهديدات الإقليمية. وفقاً للتقارير، تم تخصيص مواقع إطلاق هذه الصواريخ لاستهداف أهداف محتملة في إيران وإسرائيل، مما يعكس الدور الذي لعبه هذا الاستحواذ في إعادة توازن القوى في المنطقة.

القوى الاستراتيجية

مع مرور السنوات، أصبح امتلاك السعودية لهذه القدرات جزءاً أساسياً من استراتيجيتها الدفاعية، حيث ساهمت في خلق توازن ردعي مع دول الجوار مثل إيران. على سبيل المثال، أدى انتشار صواريخ DF-21D، المعروفة بكونها “قاتل حاملات الطائرات”، إلى زيادة الوعي بالتهديدات المحتملة، مما دفع إيران إلى تطوير نظم دفاعها الجوي مثل “باور 373” لمواجهة الصواريخ الباليستية. هذا التطور يعكس كيف أن الاستثمار في مثل هذه التكنولوجيا لم يقتصر على الجانب الهجومي، بل ساهم في تعزيز السلام الإقليمي من خلال الردع المتبادل. ومع ذلك، فإن الجدل حول ما إذا كانت السعودية قد حصلت على نسخ نووية من هذه الصواريخ يظل قائماً، حيث تشير بعض الشائعات إلى تعاون محتمل مع باكستان، على الرغم من عدم التأكيد الرسمي. في السياق الأوسع، يبدو أن الولايات المتحدة تتفهم هذه الخطوات كجزء من التوازن الإقليمي، خاصة في ظل التهديدات المشتركة. هذا الوضع يؤكد على أهمية القدرات الاستراتيجية في الحفاظ على الاستقرار، حيث أصبحت هذه الصواريخ ركيزة لسياسة الردع السعودية، مما يمنع اندلاع صراعات كبيرة ويضمن أن أي محاولة عدوانية ستكون محفوفة بالمخاطر. في نهاية المطاف، يبرز هذا الاستحواذ كدليل على كيفية استخدام التكنولوجيا العسكرية لتعزيز السيادة والأمن في منطقة مليئة بالتحديات.