بدأ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اليوم الثلاثاء، زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، بدعوة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان. تأتي هذه الزيارة المدة يومين لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتوسيع آفاق التعاون في مجالات متعددة، مثل الاقتصاد، الطاقة، والتكنولوجيا. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1947، شهدت الروابط بين المملكة والهند تطوراً كبيراً، مع محطات تاريخية بارزة تشمل زيارة الملك سعود إلى الهند عام 1955، وزيارة رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو إلى المملكة عام 1956. كما أحدثت زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الهند عام 2006 نقلة نوعية، مما أدى إلى توقيع “إعلان دلهي”، ثم “إعلان الرياض” عام 2010 أثناء زيارة مانموهان سينغ، ليتم رفع العلاقات إلى مستوى شراكة استراتيجية.
زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى السعودية
تُمثل هذه الزيارة الثالثة لناريندرا مودي إلى المملكة، بعد زياراته في عامي 2016 و2019، وهي تعكس الالتزام المشترك بتعميق التعاون. خلال الزيارة، من المتوقع أن يجتمع مودي مع الأمير محمد بن سلمان لترؤس اجتماع مجلس الشراكة الاستراتيجية، الذي أُنشئ عام 2019. ستناقش الأجندة تعزيز التعاون في مجالات الدفاع، الطاقة، الاستثمار، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم في قطاعات مثل الهيدروجين الأخضر. كما سيزور مودي مصنعاً في جدة للقاء العمال الهنود، مما يبرز دعم الجالية الهندية في المملكة، التي تعد من أكبر الجاليات الأجنبية هناك. من جانب آخر، يبرز التبادل التجاري كعنصر رئيسي، حيث تحتل المملكة مركز الخامس بين شركاء الهند التجاريين، في حين تأتي الهند في المرتبة الثانية لشركاء المملكة. بلغ حجم التبادل التجاري في السنة المالية 2023-2024 نحو 42.98 مليار دولار أمريكي، مع نمو بنسبة 7.8% مقارنة بالعام السابق، حيث بلغت واردات الهند من المملكة 31.42 مليار دولار، وصادراتها إليها 11.56 مليار دولار.
تعزيز الشراكة الاستراتيجية
يفتح هذا التعاون آفاقاً واسعة، خاصة مع رؤية المملكة 2030، التي تتكامل مع مبادرة “فيكست بهارات 2047” الهندية. يركز التعاون على قطاعات مثل الصناعة، التعدين، الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، السياحة، والبنية التحتية، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. تم توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة 9.32 مليار دولار في مجالي المعادن والتعدين، تشمل شركات هندية مثل “فيدانتا”، لدعم تنويع الاقتصاد السعودي. كما يشمل ذلك مشاريع استراتيجية مثل ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا، الذي أُعلن خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي عام 2023. في ظل التحديات الدولية، مثل فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية، تسعى البلدان إلى تعزيز علاقاتها التجارية بحثاً عن أسواق بديلة. هذه الزيارة تُعد خطوة حاسمة نحو تعزيز المصالح المشتركة، مما يعزز مكانة البلدين دولياً ويفتح فرصاً جديدة في مجالات الطاقة، الأمن الغذائي، والابتكار. بشكل عام، تعكس هذه الجهود الرغبة في بناء شراكة مستدامة تلبي احتياجات التنمية الاقتصادية لكلا الدول.
تعليقات