قانون العنف الأسري: هل يخدم الأمان أم يثير القلق في المجتمع العراقي؟

مشروع قانون الحماية من العنف الأسري في العراق

عاد النقاش حول مشروع قانون الحماية من العنف الأسري إلى مجلس النواب العراقي، بعد سنوات من الجدل والمماطلة، ويواجه القانون المقترح انقسامًا حادًا بين مؤيدين يرون فيه خطوة إصلاحية وبين معارضين يعتبرون أنه قد يتعارض مع الثقافة العراقية. يُعزى هذا المشروع إلى الفوضى القانونية التي أدت إلى صعوبة التعامل مع جرائم العنف الأسري، حيث كان يتم الاعتماد على مواد متفرقة من قوانين مختلفة.

التشريع لحماية المجتمع

الخبير القانوني علي التميمي يشير إلى أهمية تجميع المواد المبعثرة في التشريعات، معتبرًا أن ذلك يسهل تطبيق العدالة، لكنه ينبه إلى ضرورة الفهم الصحيح لطبيعة العنف الأسري في العراق. ويقترح أن يستعين البرلمان بمختصين في علم النفس والاجتماع لوضع الأسس الصحيحة لهذا القانون، لأن غالبية هذه الجرائم ليست ناتجة عن خلافات آنية بل عن مشكلات نفسية واجتماعية عميقة.

على الرغم من الجهود المبذولة، فإن واقع التشريع لا يعكس حاجات المجتمع، إذ تأتي القوانين بلغة العقوبة بدلًا من لغة الوقاية. ويشدد التميمي على أهمية أن يكون القانون عراقيًا خالصًا، بعيدًا عن النسخ الأجنبية التي لا تناسب البنية الثقافية للعائلة العراقية، محذرًا من أن تطبيق نماذج غربية قد يؤدي إلى تفكك الأسر بدلاً من حمايتها.

تتعدد وجهات النظر بشأن هذا القانون وسط شكوك حول النوايا السياسية وراءه، فالعديد من المشاريع تتوقف عند اللجان، رهينة للخلافات الطائفية والحزبية، بالرغم من المطالبات المتزايدة من المنظمات الدولية لإقراره. ويبرز المراقبون أن التشريعات غالبًا ما تُرسم لتجميل صورة الدولة أمام العالم،بدلاً من معالجة جذور مشاكل المجتمع.

مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المعقدة التي تعصف بالعراق، من بطالة وزيادة في التوترات الأمنية، يجب أن تكون القوانين أكثر تفاعلاً مع هذه التغيرات. إلا أن التركيز على نصوص معقدة قد يُسهم في تأخير تقديم الحلول السريعة والفعالة.

تظهر التقارير أن العنف الأسري في العراق في تزايد مستمر مع غياب قانون فعال لحمايته، الأمر الذي جعل العديد من المتخصصين يناقشون حاجة القانون إلى أدوات وقاية تتجاوز العقوبات، إذ يجب أن تسعى التشريعات إلى دعم المجتمع بدلاً من عرضه للمشاكل العائلية على الملأ.

في النهاية، يعود التساؤل حول قدرة البرلمان على استيعاب التغيرات الراهنة، وإذا ما كان سيتمكن من تقديم تشريعات تعكس حاجات المجتمع بدلاً من مصالح سياسية ضيقة. فمشروع قانون الحماية من العنف الأسري يمكن أن يكون خطوة نحو تعزيز الروابط بين المواطن والدولة، إذا ما تم صياغته بوعي لاحترام الواقع الاجتماعي والنفسي للعراق.