نصر الله في اللحظة الحاسمة: نهاية الحبال مع طهران
في الأشهر التي سبقت اغتياله، كان حسن نصر الله، الأمين العام السابق لـ«حزب الله»، يعتقد أن الصراع العسكري سيظل ضمن «قواعد الاشتباك»، وأن إيران ستستمر في دعم الحزب الذي يعتبر جزءًا من «المقاومة الإسلامية» في لبنان. لكن حساباته لم تكن دقيقة، مما اضطر الحزب إلى عدم اتخاذ قرارات حاسمة في الحرب التي أصبحت دموية بشكل متزايد بحلول سبتمبر 2024. يُظهر هذا التحقيق أن العديد من الأسرار العسكرية المتعلقة بالجبهة تم دفنها مع القادة الذين اغتالتهم إسرائيل، مما أدى إلى فقدان نصر الله الكثير من القوة العسكرية في الميدان.
يعتمد هذا التحقيق على مقابلات مع شخصيات لبنانية وعراقية، تتنوع خلفياتها بين قياديين سابقين وعناصر من رجال الدين والأمن، حيث تم إجراء هذه المقابلات بين عامي 2024 و2025. على الرغم من عدم الإبلاغ عن هويات بعض الشخصيات لأسباب أمنية، فإن الشهادات التي تم جمعها تملأ العديد من الثغرات حول الأحداث التي سبقت اغتيال نصر الله والتي تجرب أحداثها من يناير حتى سبتمبر 2024.
الصراع تحت السيطرة
في بداية الحرب، شعر عناصر «حزب الله» بأن «قواعد الاشتباك» ستظل سارية وأن الصراع لن يتحول إلى حرب مفتوحة. وكما أشار أحد الشخصيات اللبنانية، كانت حسابات نصر الله مقتصرة على الاندفاعات الصغيرة في مزارع شبعا، مشددًا على أن الحزب كان مرتبطًا بمواقف دفاعية، وبدلاً من أن يتبع خطوات جريئة كان يتبع سياسته التقليدية. الاستجابة للأحداث في الميدان أصبحت أكثر تعقيدًا مع فقدان عدة قادة لفقدانهم الرؤية الاستراتيجية.
تسبب غياب القادة الذين كانوا يعرفون تفاصيل العمليات في حدوث ارتباك داخل صفوف الحزب. ثلاثة من هؤلاء القادة، الذين يُعتبرون «العيون الثلاث» لنصر الله، لقوا حتفهم خلال سنوات الحرب، مما ترك فراغًا واسعًا في المعرفة القتالية للحزب. مع قتل هؤلاء القادة، بدأ نصر الله يعتمد على تفاصيل غير دقيقة، مما زاد من مشكلات التنسيق بين الصفوف العسكرية. ومع استمرار الحرب، أصبح واضحًا أن منهج الحزب التقليدي لم يعد مجديًا، حيث استمر في العمل ضمن إطار «قواعد الاشتباك» بينما كان يستعد لدخول صراع موسع.
الأحداث والضغط المتمثل في الانخفاض المتواصل لأعداد القادة العسكريين البارزين في الحزب لم تدع له مجالاً لتغيير سياسته بسرعة. دفع ذلك بالموقف العسكري في الحزب نحو حالة من التردد والارتباك أثناء دعمهم للعمليات ضد إسرائيل. كلما تصاعدت الأحداث، ازدادت الضغوط، مما أدى إلى شلل في اتخاذ القرار. بعد مقتل بعض القيادات المهمة، لم يكن هناك وقت لتقييم الوضع بشكل شامل، وما زالت التحديات قائمة أمامهم.

تعليقات