الفن حياة: رحلة في عالم الفن المصري
تتناول سلسلة «الفن حياة» حكايات فنانين مصريين، حيث تمتزج القصص الإنسانية بالفن، لنرسم ملامح هؤلاء المبدعين ونتعرف على جوانب خفية من مسيرتهم الفنية. في زمن نحتاج فيه إلى تعزيز الجمال والإنسانية، تتناول الرواية جوانب من فنون متنوعة تشمل الرسم والنحت والكاريكاتير والتصوير الفوتوغرافي، وكلها تنقل تراثنا وهويتنا الوطنية وتعزز ذاكرتنا الجمعية.
حكايات فنانين مصريين
لوحات الفنان فتحى عفيفى
يقع مرسم الفنان فتحى عفيفى في قلب حي السيدة زينب، بالقرب من مسجد كعب الأحبار، حيث تختلط أصوات الباعة بضجيج الماكينات. في هذا المكان الذي يشبه امتداد روحه، تتزين الجدران بلوحاته التي تعكس حياة عمال وفلاحين بألوان دافئة تسرد قصصهم وشجاعتهم. عفيفى، الذي لطالما كان مخلصًا لبيئته، كان يلتقط بعينيه كل ما يراه من مشاهد إنسانية يومية، ويعتبر أن تلك اللحظات تستحق الخلود على القماش.
لوحات الفنان فتحى عفيفى
خلافًا للعديد من أقرانه، اتخذ عفيفى مسارًا مغايرًا لاكتشافنه. تاركًا التعليم التقليدي، التحق بمدرسة الصنايع في حلوان بكل جرأة، ساعيًا للتقرب من عالمه المفضل، المتمثل في الماكينات والعمال. ومن خلال عمله في المصانع الحربية، اغتنى بتجارب بصرية فريدة تساعده في تشكيل مفهومه الفني. حيث أن المصنع لم يكن فقط مصدر رزق له، بل تجلى في لوحاته بشكل يشعر الإنسان بالعمق بين العمل والإنسان.
لوحات الفنان فتحى عفيفى
منذ عام 1982، بدأ عفيفى رحلته الفنية التي غامرت في تحديات متتالية، حيث رفضت أعماله في البداية من بعض المعارض. لكن رغم ذلك، أصر على تقديم رؤيته والتعبير عن فنه، ليحظى في النهاية بتقدير خارجي، بينما تحققت مشاركاته في المعارض القومية مع تطور مسيرته. ويشير عفيفى إلى أنه رغم الصعوبات، كان لديه إيمان عميق بأن الفن هو رحلة شخصية، وتعلّم مستمر يثري تجربته دون الطموح لتحصيل المال فقط.
فتحى عفيفى فى مرسمه أثناء حواره مع «المصرى اليوم»
تجربته في المسرح ايضا عكست شغفه بالمجتمع، حيث أسس مسرحًا مخصصًا للعمال، لكن تلك التجربة واجهت تحديات غريبة أدت إلى إنهاء مشروعه. بالرغم من ذلك، أصر على ممارسة الفن التشكيلي وإبراز حياته الفنية التي تعكس أثر تلك الفترات على أعماله. عفيفى يؤمن دومًا بأن الفن لا يقتصر على الشكل، بل يتعدى ليشمل القضايا اليومية والواقع الذي نعيشه.
أسلوبه الفني يتميز بتفاعله مع ماضيه، حيث أن مما لا شك فيه أن أعمال فتحى عفيفى تعكس ذاكرة فنية غنية بالقصص الحياتية. ومع مرور الزمن، زادت إدراكاته الفنية في تفاصيل الجمال المحيط به، ليصبح تالياً من أبرز الفنانين المصريين الذين يعبرون عن روح بلدهم بكل تجلياته.

تعليقات