قائد فيلق القدس يصل بغداد من طهران: حضور رمزي يسلط الضوء على الأبعاد السياسية ويشوش على الأمريكيين
زيارة إسماعيل قاآني إلى العراق
بغداد اليوم – بغداد: في الوقت الذي نفت فيه أوساط سياسية وجود أي قيود على دخول قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، أوضحت مصادر مطلعة أن ملف حضوره الأخير أصبح موضوعاً للجدل بين الرواية الرسمية والأخبار الاستخبارية، خاصة مع تصاعد التوتر الإقليمي بين طهران وتل أبيب والوجود العسكري الأمريكي في العراق.
وفود قاآني إلى بغداد
وفي هذا السياق، أكد عضو الإطار التنسيقي، عدي عبد الهادي، في تصريح لـ”بغداد اليوم”، أن العلاقات بين بغداد وطهران تعتبر استراتيجية، لاسيما في ظل وجود اتفاقية أمنية ومصالح متبادلة. وأكد أن قيادتي البلدين تعتقدان أن التعاون على أساس المصالح المشتركة يعزز التبادلات في مختلف المجالات.
وأضاف عبد الهادي أن الجنرال قاآني يُعتبر شخصية بارزة في إيران، وأن حضوره إلى بغداد لا يخضع لأي قيود أو فيتو كما تروج بعض التقارير الغربية، مشدداً على أن العراق يتبع سياسة التفاهم مع جميع الدول ويسعى لبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل.
من ناحية أخرى، أكدت مصادر مطلعة وجود “فيتو” أمريكي-إسرائيلي غير معلن ضد تواجد قاآني في العراق، مشيرةً إلى أن أي تحرك له خارج إيران يخضع للاحتياطات الدقيقة بعد اغتيال سلفه قاسم سليماني في عام 2020. وفي الواقع، يُستخدم الحديث عن زيارات متكررة لقاآني إلى بغداد كوسيلة لتعبئة معنوية داخل الأوساط الموالية لطهران، أو كرسائل لرفع الروح المعنوية بين الفصائل العراقية.
ويرى المراقبون أن التناقض بين الخطاب السياسي والقراءات الأمنية يعكس حساسية المرحلة التي يمر بها العراق، حيث يتداخل النفوذ الإيراني مع الحذر الأمريكي، مما يتطلب من الحكومة العراقية إدارة توازن دقيق. ومن جهة أخرى، تتزامن هذه الأوضاع مع تزايد الجدلات حول تحركات قاآني على ضوء التحولات الأمريكية الأخيرة تجاه إيران، خاصةً بعد ضربة فوردو، مما أعاد التهديد بالخيار العسكري إلى جدول الأعمال الأمريكي.
ورغم تأكيد بغداد على التزامها باتفاقية التعاون الأمني مع طهران، إلا أنها تسعى لتفادي أي تصعيد قد يُفسر كرسالة تحدٍّ للولايات المتحدة. داخليًا، يتداخل ملف قاآني مع الانتخابات المقبلة، حيث تعكس زيارة القائد الإيراني في بغداد صورة الدعم الذي تعتمد عليه بعض الفصائل في مواجهة الضغوط الأمريكية. بينما تسعى بعض الأطراف الأخرى لتأكيد استقلاليتها عن القرار الإيراني.
في النهاية، تشير المعطيات إلى أن الحديث عن زيارة قاآني لبغداد يبقى أكثر سياسيًا من كونه واقعيًا. المعلومات الأمنية لا تؤكد وجود فعلي له، بينما تعمل التسريبات على رفع المعنويات داخل الأوساط الموالية لإيران وإرسال رسائل ضغط إلى واشنطن. مع استمرار الحكومة العراقية في سعيها للحفاظ على التوازن الدقيق بين طهران وواشنطن، يبقى ملف قاآني اختبارًا مستمرًا لقدرة بغداد على إدارة التداخل بين الأمن والسيادة.

تعليقات