رحلة معقدة لنقل مركب الملك خوفو: كيف وصلت أشهر آثار مصر إلى المتحف المصري؟

مركب الملك خوفو: أعظم الآثار العضوية في التاريخ

أكد الدكتور عيسى زيدان، مدير عام ترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير، أن نقل المركب الأول للملك خوفو من منطقة أهرامات الجيزة إلى المتحف الكبير يعتبر من أصعب العمليات التاريخية، حيث تمت عملية النقل للمركب الذي يبلغ طوله 42.3 مترًا كقطعة واحدة داخل قفص فولاذي. وبيّن أن هذا المركب يعد من أندر وأطول وأقدم الآثار في العالم.

مركب الملك خوفو: الأثر الخشبي الخالد

وأشار زيدان إلى أن المتحف الكبير يخصص قسمًا خاصًا لعرض مركبي الملك خوفو، حيث سيتم عرض المركب الأول بشكل كامل بعد الانتهاء من ترميمه. بينما سيتاح للزوار مشاهدة المركب الثاني خلال عملية الترميم التي تستغرق حوالي ثلاث سنوات. كما أضاف أن مركبي الملك خوفو يُعَدّان من أقدم المراكب الخشبية المعروفة، وقد تم اكتشافهما في الضلع الجنوبي لأهرامات الجيزة عام 1954. وقد تمت إزالة المركبين من حالتهما السيئة بعد تعرض أجزاء منهما للتحلل جراء الرطوبة وتسرّب المياه. المركب الأول كان مكونًا من 1224 قطعة ويحتوي على 12 مجدافًا، بينما المركب الثاني وجد في 1700 قطعة ويحتوي على 52 مجدافًا و8 مجاديف للتوجيه.

بحسب المعلومات المتاحة، يُعتبر مركب الملك خوفو، المصنوع من خشب الأرز، أكبر وأقدم أثر عضوي خشبي في تاريخ البشرية. تمت عملية النقل من منطقة الأهرامات في أغسطس 2021، حيث استمرت فترة النقل لمدة ثلاثة أيام، وقطعت المركبة الناقلة مسافة 8 كيلومترات حتى الوصول إلى المتحف المصري الكبير. تم استخدام ونش ضخم لرفع المركب إلى داخل المبنى، وذلك بهدف حماية أحد أقدم وأهم الآثار العضوية، وهو ما يسعى إليه المتحف من توفير بيئة عرض حديثة وآمنة تعكس قيمة المركب الاستثنائية وتزيل أي تشويه بصري من محيط الهرم.

سيتم عرض مراكب الملك خوفو في مبنى متحفي خاص داخل المتحف المصري الكبير، والذي تم تصميمه بشكل خاص لتسليط الضوء على هذا الأثر الفريد. يُعتقد أن هذه المراكب استخدمت خلال جنازة الملك أو كانت مخصصة لاستخدامه في رحلته إلى العالم الآخر برفقة إله الشمس رع. على مدار عقود، كانت هناك محاولات لنقل المركب من الهرم منذ السبعينيات، ولكن صعوبة تفكيكه والخطورة المرتبطة بذلك حالت دون التنفيذ. وفي عام 2019، تم اتخاذ قرار بنقله بالكامل دون تفكيك إلى المتحف، بعد دراسات هندسية وأثرية مكثفة لضمان سلامة الأثر أثناء النقل. تضمنت التحضيرات تعزيز المنصة الحاملة للمركب وتصميم هيكل فولاذي ضخم لحمايته، إلى جانب تنفيذ أعمال ترميم دقيقة وتجارب محاكاة باستخدام عربة ذكية متخصصة.