اُختتمت، اليوم الأربعاء، فعاليات المؤتمر السنوي الخامس لمركز تحقيق التراث بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، الذي عُقد تحت عنوان «إعادة تحقيق التراث: الواقع والجدوى»، بإشراف الدكتور أسامة طلعت، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية ورئيس المؤتمر، والدكتور أشرف قادوس، رئيس الإدارة المركزية للمراكز العلمية، وتنظيم مركز تحقيق التراث برئاسة مصطفى عبد السميع.
تحقيق التراث الأدبي: التطورات والآمال
شهد اليوم الثاني من المؤتمر جلسات علمية غنية تم خلالها استعراض العديد من الأبحاث المتميزة التي ناقشت موضوعات مهمة تتعلق بقضايا تحقيق التراث العربي والإسلامي، وكيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة في هذا المجال. وكانت من بين الجلسات جلسة تحت عنوان «تحقيق التراث الأدبي بين الواقع والمأمول»، ترأسها الدكتور عبد الرازق حويزي، أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر، حيث تناولت مجموعة من الدراسات التطبيقية التي استعرضت نماذج مختلفة من التراث الأدبي العربي والإشكالات المتعلقة بتحقيقه.
وافتتح الجلسة بحث بعنوان: «تحقيق تراثنا الشعري بين الواقع والمأمول: نماذج تطبيقية على دواوين شعرية»، حيث أشار الباحث إلى القيمة الحضارية للشعر العربي ودوره كمرجع ثقافي، مؤكدًا على أهمية إعادة تحقيق الدواوين القديمة نظرًا للأخطاء والنواقص التي شابت طبعاتها. تلى ذلك عرض للدكتور صبري فوزي أبو حسين بعنوان «جدوى إعادة تحقيق تراث ابن المقفع: تحقيقات الأدب الكبير أنموذجًا»، حيث تناول فيه القيمة التاريخية والأدبية لكتاب الأدب الكبير وأهمية التحقيقيات المنهجية لضمان دقة النص.
كما تم تقديم عرض من الأستاذ محمد أبو العينين إبراهيم أبو أحمد تحت عنوان «نشرات من غاب عنه المُطرب للثعالبي: الهدف والجدوى»، حيث تناول تاريخ نشر هذا الكتاب الأدبي الفريد، مع تسليط الضوء على الفروق بين الطبعات المختلفة. واختتمت الجلسة ببحث من الأستاذ أحمد إسماعيل الأقطش بعنوان «من الاستشراق القديم إلى الاستشراق الحديث: إعادة تحقيق كليلة ودمنة عبر قرنين من الزمان»، حيث استعرض فيه التطورات التاريخية المتعلقة بتحقيق هذا العمل منذ المستشرق الفرنسي دي ساسي حتى التحقيقات الحديثة.
الذكاء الاصطناعي ورؤية جديدة في تحقيق التراث
أما الجلسة الرابعة، فقد تناولت موضوع «الذكاء الاصطناعي ومستقبل تحقيق التراث»، وترأسها الدكتور أحمد عفيفي. بدأت الجلسة ببحث للدكتور محمد أبو العز عبده، حيث أكد فيه على ضرورة مراجعة التحقيقات السابقة للكتاب العلمي المعروف “تنقيح المناظر” نظرًا للأخطاء التي تشوبها. تلت ذلك تقديم للدكتورة نورا عبد العظيم، التي ناقشت كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في قراءة وتحليل وحفظ المخطوطات، مستعرضةً أحدث التطبيقات في هذا المجال.
واختتمت الجلسة ببحث من الأستاذة مروة الشريف، التي أكدت من خلاله أهمية إعادة تحقيق التراث العلمي الذي قام به المستشرقون، مشددة على أن هذه العملية تمثل جهدًا نقديًا يعيد الاعتبار للأصالة العربية في دراسة التراث العلمي.
وفي ختام المؤتمر، أوصت اللجنة العلمية بتوثيق الجهود السابقة في تحقيق التراث العربي والإسلامي، وإعداد قاعدة بيانات موحدة، فضلاً عن تشجيع الباحثين الشباب على دراسة مناهج التحقيق وتطوير مهاراتهم في التعامل مع النصوص التراثية، ودعم مشروعات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في فهرسة المخطوطات.

تعليقات