الاستثمار في حقول النفط المشتركة: الفجوة بين العراق وإيران
في ضوء التنافس المتزايد على حقول النفط الحدودية، يعكس الواقع الفجوة الكبيرة في كيفية إدارة الموارد بين العراق وإيران. بينما تسرع العراق في جذب الاستثمارات لتطوير حقوله النفطية، تعاني إيران من مشاكل عميقة نتيجة العقوبات الاقتصادية وضعف الأنظمة القانونية، مما يؤدي إلى تراجع قدراتها التشغيلية.
الكفاءة في الإدارة النفطية
يؤكد الباحث الاقتصادي الدكتور أومود شوكري أن الفجوة في السياسات الاستثمارية بين العراق وإيران باتت واضحة، حيث أن العراق تمكن من رفع إنتاجه من الحقول المشتركة إلى 4.5 مليون برميل يومياً من نحو 300 ألف برميل، بفضل الاستثمارات المستمرة والتعاون مع شركات عالمية متخصصة. بالمقابل، تعاني إيران من صعوبات متعددة، حيث أن 20% من احتياطياتها من النفط والغاز تقع في حقول مشتركة، إلا أن غياب الأطر القانونية والتقنية المناسبين يعوق التنسيق ويؤدي إلى تراجع مستويات الإنتاج.
العقوبات الأمريكية على قطاع الطاقة الإيراني قد أدت إلى تقليص الميزانيات المخصصة للاستكشاف والإنتاج، حيث انخفضت من 18 مليار دولار في التسعينيات إلى حوالي 3 مليارات فقط منذ عام 2017. وفيما عانت إيران من هذه القضايا، استفاد العراق من انفتاحه على الشركاء الدوليين، مما جعله وجهة مفضلة لرؤوس الأموال الأجنبية. تجسد عودة شركة “إكسون موبيل” الأمريكية لاستثماراتها في العراق في أكتوبر 2025، بعد انسحابها في العام السابق، ثقة متزايدة ببيئة الاستثمار العراقية.
إن هذه التطورات تعمق الفجوة بين العراق وإيران، حيث تستعيد الشركات الغربية تواجدها في العراق لتعزيز الإنتاج وتحديث البنية التحتية، في حين تظل إيران تعاني من عدم القدرة على تنفيذ مشاريع تطوير مماثلة نتيجة للفراغ القانوني وضعف التنسيق في مؤسساتها النفطية.
يخلص الدكتور شوكري إلى أن التباين بين الانتعاش العراقي والتباطؤ الإيراني يعكس التغيرات الكبيرة في ميزان القوة بأسواق الطاقة الإقليمية. فبينما يستمر العراق في تعزيز مكانته كأحد أهم موردي النفط في منظمة أوبك، تواجه إيران مخاطر حقيقية من تراجع نفوذها في حقول الغاز والنفط، التي تُعتبر من أكبر الخزانات الهيدروكربونية في الشرق الأوسط.

تعليقات