انتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة وعمليات إعدام جماعية بحق الجرحى والمدنيين داخل مستشفيات مدينة الفاشر، عقب سيطرتها الكاملة على المدينة الواقعة في إقليم دارفور، بعد حصار استمر لعدة أشهر.
جرائم الحرب والمآسي الإنسانية
ذكرت الصحيفة، في تقرير مستند إلى مصادر إنسانية وشهود عيان، أن المدينة شهدت عمليات قتل وتصفيات ممنهجة للمدنيين بعد دخول قوات الدعم السريع إليها. حيث أظهرت مشاهد وصور ميدانية وجود عشرات الجثث متناثرة في الشوارع وبقع من الدم بالقرب من آليات عسكرية في الأحياء السكنية. كما قامت القوات باقتحام عدة مستشفيات ومراكز طبية، وإعدام الجرحى والمصابين الذين لم يتمكنوا من الهرب، مما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية الجرحى وأسرى الحرب.
ووفقًا لشهادات العاملين في الجانب الإنساني، قامت القوات بفصل الرجال والفتيان عن النساء داخل المستشفيات ومراكز الإيواء، قبل تنفيذ عمليات تعذيب وإعدام ميداني بحقهم. في وقت تتدهور فيه الأوضاع الإنسانية في الفاشر وسط غياب الخدمات الأساسية وصعوبة وصول المساعدات.
أشار التقرير إلى أن الهلال الأحمر السوداني والمنظمات الطبية في دارفور اضطرت إلى تعليق أنشطتها بسبب تصاعد الهجمات على الكوادر الطبية والمستشفيات، بينما تحولت بعض المستشفيات إلى مواقع عسكرية تُستخدم كغرف عمليات. ولم تفوت الصحيفة الإشارة إلى أن صور الأقمار الصناعية وتقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية كشفت عن وجود مقابر جماعية جديدة تم العثور عليها في ضواحي المدينة، يُرجح أنها تضم ضحايا الإعدامات الأخيرة التي حدثت في الأيام الماضية.
تأتي هذه الأحداث في وقت يشهد فيه إقليم دارفور تصاعدا خطيرا في الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط تحذيرات دولية من انتقال الإقليم إلى بؤرة لأكبر كارثة إنسانية في إفريقيا بحلول عام 2025. وقد دعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى إجراء تحقيق عاجل في جرائم الحرب والانتهاكات الواسعة التي وقعت في الفاشر، مشددة على ضرورة السماح بدخول بعثات مراقبة دولية للوثائق ما يجري على الأرض وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
تجدر الإشارة إلى أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ظلت تحت حصار مشدد فرضته قوات الدعم السريع، قبل أن تتمكن من اقتحامها والسيطرة عليها بالكامل بعد معارك ضارية مع الجيش السوداني، مما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين نحو المناطق الغربية والحدودية. وتظهر التقارير الحقوقية أن الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف عام 2023 أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح ملايين الأشخاص، وسط مخاوف متزايدة من تفكك الدولة وامتداد الصراع إلى دول جوارها.

تعليقات