من إحياء تراث الإبل إلى رسم مستقبل مشرق: الهوية ليست بالمال، بل بالقيم

ما تحدث به الوزير الإسرائيلي ليس ذا أهمية بالنسبة لنا بقدر ما يكشف عن عقلية كيانه. كما أن ما تداوله بعض الشعوبيين لا يضرنا بقدر ما يعرّي سطحيّتهم الفكرية. السعودية تسير في طريقها بثبات، تعرف هويتها وتحديد موقفها، وتدرك أن شرف ركوب الإبل في الصحراء أرفع من الانجراف مع الأعداء.

عقلية الكيان الإسرائيلي

من المثير للدهشة أن نلاحظ بعض الناطقين بالعربية وقد أبدوا فرحًا بتصريح وزير إسرائيلي، لا يحمل أية قيمة سياسية، حين حاول الاستهزاء بسعوديين من خلال الإشارة إلى ركوب الإبل وكأنها علامة تخلف. السعوديون لم يفاجأوا بهذا الضيق الفكري، بل كان ردّهم منطقيًا في هدوء، فالتاريخ والمكانة الدولية لا يلتفتان إلى مثل هذه الهجمات الصبيانية. من عجب أن توجد أصوات عربية تبارك هذه الإهانة دون أن تدرك أنها تمس هويتهم قبل أي شيء آخر.

سخرية تافهة من التاريخ

ركوب الإبل هو دلالة على الفخر والهوية والتراث، إذ حملت الإبل الرسالة عبر الصحراء وأضأت للعالم. اولئك الذين يظنون أن الحداثة تعني قطع الجذور هم في الحقيقة غير مدركين لعواقب انقطاعهم عن هويتهم. تصريحات الوزير الإسرائيلي تؤكد عجز كيانه عن تحقيق أي نوع من الاختراق السياسي تجاه الرياض التي ترفض التطبيع قبل إعادة الحقوق الفلسطينية. إن هذا الموقف الثابت يعكس تاريخًا طويلًا من الدبلوماسية والفخر بالمبادئ.

إن ما يثير السخرية أيضًا هو موقف بعض المتعصبين الذين استمتعوا بتصريح الوزير، بينما يهاجمون المملكة بزعم أنها “تطبيعاً”. كيف يمكن للمرء أن يشعر بالسرور عند إساءة بلده، وفي نفس الوقت يتهمها بالعمالة؟ هذه ازدواجية فكرية تدل على عدم النضج السياسي والأخلاقي. الموقف السعودي من القضية الفلسطينية واضح وصريح: لا تطبيع قبل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

في النهاية، ما قاله الوزير الإسرائيلي يكشف عن عقلية كيانه المتدنية، وما تداوله بعض الشعوبيين يكشف عن ضحالة تفكيرهم. أما السعودية، فهي ماضية في طريقها، عارفةً بهويتها وبموقفها. فهي تُعزّز شرف الإبل ورمزها في الثقافة العربية، وتفخر بإرثها العريق الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، بينها وبين النمو والتطور. فالسعودية تظل قوية بعراقتها ومواقفها، وتظل صامدة أمام كل أساليب الاستفزاز.