إعادة إحياء التراث: ضرورة علمية تواكب التطور الرقمي والمعرفي

إعادة تحقيق التراث العربي

بدأت فعاليات المؤتمر السنوي الخامس لمركز تحقيق التراث، الذي تنظمه الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، بعنوان “إعادة تحقيق التراث: الواقع والجدوى”، في 28 أكتوبر في قاعة علي مبارك بمقر الهيئة في القاهرة. يشارك في المؤتمر أساتذة وباحثون من الجامعات المصرية والعربية على مدار يومين، تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو ورئيس الهيئة الدكتور أسامة طلعت.

ترميم التراث الثقافي

يسعى المؤتمر إلى مناقشة قضايا إعادة تحقيق التراث العربي والإسلامي وتحليل جدوى نشر النصوص التراثية في السياق المعاصر. يتم التركيز على دور التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، في رقمنة المخطوطات وتيسير عملية تحقيقها، مما يُعتبر تحولا كبيرا في أدوات البحث والترميم.

بدأت الجلسات بعقد الجلسة الأولى، التي تناولت إعادة تحقيق النصوص اللغوية والنحوية، حيث قدم الدكتور عبد الكريم محمد جبل بحثًا يناقش تحقيق كتاب الغريبين لأبي عبيد الهروي، مشدداً على أنّ إعادة التحقيق ليست مجرد تكرار، بل ضرورة علمية تتطلب نسخ جديدة وأدوات بحث متطورة لضبط النصوص بشكل دقيق. كما قدم الدكتور أحمد عفيفي دراسة تتعلق بالنظام النحوي للفراهيدي، مؤكداً ضرورة التثبت من نسب النصوص إلى مؤلفيها.

تحدث الدكتور سليمان محمد البلكيمي عن رحلة تحقيق “مغني اللبيب”، مشيراً إلى أهمية توجيه الجهود نحو النصوص غير المحققة بدلاً من إعادة نشر ما هو موجود بالفعل بدون مبررات علمية. وفي ختام الجلسة، تمت الإشارة إلى ضرورة إنشاء قاعدة بيانات موحدة للمخطوطات وميثاق علمي يضمن جودة العمل واستمراريته.

استمرّت الفعاليات بجلسة ثانية خصصت للنصوص التاريخية والجغرافية، حيث تناول الدكتور أيمن فؤاد سيد أهمية كتب التاريخ في الثقافة الإسلامية، موضحاً أن الكثير من المصادر القديمة بحاجة إلى إعادة طرح علمي يعتمد على نسخ موثقة. كما ناقش الدكتور محمد علي دبور أهمية إعادة تحقيق كتاب “الدوحة المشتبكة” لدعمه في توثيق صناعة النقود الإسلامية.

تحدث الدكتور حاج بنيرد عن الأثر الكبير لكتب التراجم في حفظ النصوص النادرة، وجاءت توصيات الجلسة الثانية لتؤكد على أهمية مزج التحقيق العلمي مع الرقمنة الحديثة، مع ضرورة التعاون بين الباحثين العرب لإنتاج نصوص تراثية موثوقة ومتكاملة.

اختتم اليوم الأول بالتركيز على أهمية إعادة تحقيق التراث العربي والإسلامي كوسيلة لتجديد المعرفة التاريخية واللغوية، مشدداً على ضرورة التعاون بين المؤسسات العلمية لاستثمار التقنيات الحديثة في الحفاظ على التراث. يستكمل المؤتمر غدا بمناقشة محاور تشمل استخدام الذكاء الاصطناعي في تحقيق المخطوطات وأخلاقيات التحقيق والنشر.