السعودية وباكستان: شراكة استراتيجية تاريخية تعزز آفاق التعاون الاقتصادي

تتميز العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية بتاريخ طويل من التعاون المثمر الذي يمتد لأكثر من ثمانية عقود. فقد أُسست هذه العلاقات على مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. تطورت الشراكة بين البلدين لتشمل تعاوناً استراتيجياً شاملاً يتضمن مجالات متعددة مثل الاقتصاد والاستثمار والطاقة والدفاع. ويُظهر هذا التاريخ العريق مدى عمق الروابط بين الرياض وإسلام آباد ورغبتهما المستمرة في تعزيز التعاون بما يعود بالفائدة على الشعبين.

تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين

تسعى السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي، التي تمثل خطوة رئيسية في تطوير العلاقات الثنائية. تهدف هذه الاتفاقية إلى توسيع مجالات الاستثمار في قطاعات حيوية تشمل الطاقة، والتعدين، والصناعة، والزراعة، والتكنولوجيا. وتأتي هذه المساعي في إطار رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى تنوع الاقتصاد والانفتاح على الشراكات العالمية، وضمن خطط باكستان للتنمية المستدامة. وقد كانت الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين، خاصة زيارة سمو ولي العهد إلى باكستان عام 2019، نقطة انطلاق جديدة حيث تم الإعلان عن تأسيس مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني وتوقيع اتفاقيات استثمارية تجاوزت قيمتها 20 مليار دولار.

تاريخ طويل من التبادل والخبرة المشتركة

تشير الأرقام إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية وباكستان قد وصل إلى نحو 21.3 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، مع زيادة بنسبة 80% منذ عام 2016 حتى نهاية عام 2024، مما يعكس رحابة العلاقات الاقتصادية بين الجانبين. كما يسعى المستثمرون السعوديون إلى استكشاف فرص الاستثمار في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية الباكستانية، في حين يبلغ عدد الشركات الباكستانية العاملة في المملكة حوالي ألفي شركة. هذا التبادل المتوازن يعكس الثقة المتبادلة بين الطرفين واهتمامهما باستغلال الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة التي يمتلكانها.

دعم سعودي متواصل للاقتصاد الباكستاني

قدمت المملكة دعماً كبيراً للاقتصاد الباكستاني عبر الصندوق السعودي للتنمية، حيث تجاوزت قيمة تمويل المشتقات النفطية مليار دولار، إضافة إلى منح ومشاريع تنموية تُقدر بحوالي 533 مليون دولار. كما تم توقيع اتفاقيات لتنفيذ 18 مشروعاً وبرنامجاً إنمائياً في مجالات التعليم، والصحة، والبنية التحتية. ويعيش في المملكة أكثر من 2.7 مليون باكستاني يساهمون في دعم الاقتصاد من خلال تحويلاتهم، مما يعكس عمق الروابط الإنسانية والاقتصادية بين الشعبين.

تُعد العلاقات السعودية الباكستانية نموذجاً فريداً للتعاون المستدام القائم على الثقة والمصالح المشتركة. ومن المتوقع أن تستمر هذه العلاقات في النمو خلال السنوات المقبلة لتكون أساساً لصمود التنمية والاستقرار الإقليمي والدولي.