تقييم الأداء الاقتصادي للعراق بين 2022 و2025
في تقييم شامل يمتد على أربع سنوات من عمر الحكومة الحالية، قدم الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي رؤيته لحصيلة الأداء الاقتصادي للعراق، موضحاً أن هذه المرحلة كانت مليئة بالفرص الضائعة. ويشير الهاشمي إلى أن الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط لم تُستغل بشكل فعال لبناء اقتصاد مستدام، حيث استمرت الحكومة في إعادة تدوير الأزمات بدلاً من معالجتها.
تحليل الوضع المالي والاعتماد على النفط
يؤكد الهاشمي أن الحكومة اعتمدت بشكل شبه كلي على إيرادات النفط دون توسع ملحوظ في القطاعات الاقتصادية الأخرى، مما جعل المالية الحكومية رهينة لتقلبات أسعار النفط. ووفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن أكثر من 92% من إيرادات العراق في عام 2024 جاءت من النفط، في حين تراجعت مساهمة الزراعة والصناعة إلى أقل من 7%. وتُشير التقديرات إلى أن كل هبوط بقيمة 10 دولارات في سعر البرميل يؤدي إلى انخفاض العائدات بنحو 10 تريليونات دينار سنوياً، مما يفاقم من أزمة الاعتماد على النفط.
وفي حديثه عن الأوضاع المالية، ذكر الهاشمي أن هناك زيادة ملحوظة في عدم الانضباط المالي والهدر العام، مصحوبة بعمليات تعيين حكومي واسعة دون مراعاة العوائد النفطية المتدهورة. ومع تزايد عدد الموظفين الحكوميين الذي تجاوز 4.7 مليون موظف، استحوذت رواتبهم على نحو 57% من الإنفاق العام، مما حوّل المالية العامة إلى وضع حرج.
من جانب آخر، لفت الهاشمي إلى أن الحكومة لم تنجح في إجراء الإصلاحات المؤسساتية اللازمة أو وضع تشريعات فعّالة لمكافحة الفساد. وقد أشار تقرير منظمة الشفافية الدولية إلى ضعف القوانين الرادعة واستمرار نفوذ الأحزاب في المؤسسات الإدارية، مما أدى إلى استمرار فساد في إدارة الموارد.
واستعرض الهاشمي أيضاً فشل الحكومة في معالجة أزمة الكهرباء على مدى سنوات، حيث ظل الاعتماد على مصادر خارجية لتغذية محطات الكهرباء مستمراً. ورغم تخصيص ميزانيات ضخمة لهذا القطاع، إلا أن معاناة المواطنين من انقطاع الكهرباء بقيت قائمة.
ختاماً، يوضح الهاشمي أن الحكومة بإمكاناتها المالية تبقى تفتقر إلى الرؤية المنهجية اللازمة للربط بين المال والإنتاج، مما أدى إلى فرص مهدورة لبناء الثقة في الاقتصاد الوطني. وفي ضوء هذا التقييم، تُعتبر الحكومة الحالية عاجزة عن تقديم الإصلاحات المطلوبة، حيث عُرفت بكونها “حكومة التوازنات لا الإصلاحات”.

تعليقات