من يخرج عن الصمت؟.. الأيادي الخفية وراء اغتيال صفاء المشهداني تظل بلا عقاب

اغتيال صفاء المشهداني وتأثيراته على النظام الأمني والسياسي في العراق

بعد مرور أسابيع على اغتيال صفاء المشهداني، عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح السابق للانتخابات البرلمانية، لا تزال القضية تثير تساؤلات متنوعة حول قدرة الدولة العراقية على حماية مسؤوليها وكشف ملابسات الاغتيالات السياسية. الحادثة التي وقعت في قضاء الطارمية شمال العاصمة أظهرت فجوة كبيرة في الثقة بجهاز الأمن وبقدرة الدولة على تحقيق العدالة.

جريمة سياسية تفتح أبواب التساؤلات

كشف مصدر حكومي رفيع بعد أيام من الاغتيال أن هناك جهوداً تتم على مستويات عدة للتحقيق في الحادثة، مؤكداً أن رئاسة الوزراء تتابع مجريات التحقيق، لكنّ المصاعب التي تواجهها هذه العملية بسبب العلاقة الملتبسة لبعض الموقوفين مع شخصيات نافذة أو جماعات ذات نفوذ سياسي تؤخر إعلان النتائج بشكل ملحوظ. انفجار عبوة ناسفة استهدف موكب المشهداني أدى إلى مقتله في الثالث عشر من تشرين الأول، وعلى الرغم من إعلان وزارة الداخلية عن القبض على بعض المتهمين، فإن قضاء التحقيق وصف الحادث بأنه قضية جنائية ناتجة عن خلافات محلية، وهو ما أثار حفيظة عائلة المشهداني والرأي العام، إذ اعتبرت العائلة أن الجريمة عمل إرهابي سياسي يتطلب تحقيقاً كاملًا، بدلاً من تبريرها كحادث جنائي.

تفاعلت ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رفعت شعارات تطالب الحكومة بالكشف عن منفذي الجريمة وتندد بـ”صمت القضاء”. وفي هذا السياق، أشار الباحث محمد علي الحكيم إلى أن التأخير في نتائج التحقيق يساهم في تآكل الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة ويعطي إشارات خطيرة حول عدم جدية الحكومة في مواجهة الإفلات من العقاب.

وقد جاءت تحليلات أخرى لتحذر من أن التصنيف الذي اختاره القضاء قد يكون محاولة لتجنب أي تصعيد طائفي أو سياسي، خصوصا أن المنطقة شهدت توترات عديدة نتيجة المصالح المتداخلة للأحزاب والفصائل المسلحة. في ظل عدم إصدار الحكومة أي صور رسمية للمتهمين أو نتائج دقيقة للتحقيقات، يبقى الغموض يخيّم على القضية، حيث أفادت مصادر ميدانية بأن الفيديوهات المتداولة حول اعتقال الجناة ليست حديثة، مما يعزز ظاهرة الشك حول مصداقية العملية برمتها.

تتجلى اللامسؤولية في أي تراجع بالتحقيقات، فخلال السنوات الأخيرة تعرض العديد من الصحفيين والناشطين لجرائم اغتيال مماثلة، دون أن يحقق العدالة في ملفاتهم. إذ تُشير التقارير إلى أن نسبة الإفلات من العقاب في العراق تصل إلى 95% من هذه الجرائم، مما يعكس تدهور الوضع الأمني والعدلي بآثاره المرهقة على المجتمع.

إن عدم تحقيق العدالة في حالة اغتيال صفاء المشهداني يشكل دليلاً واضحًا على التقلبات الأمنية في العراق وتداخلها مع السياسة، مما يعكس فشل الدولة في حماية من يمثلها. ومع استمرار عدم ظهور أجوبة واضحة وعملية، تطرح تساؤلات هامة: هل ستتمكن الدولة من إرساء العدالة، أم ستظل الحلقة المفرغة من الإفلات من العقاب مستمرة؟