العراق يرحب بالطلاب الأجانب ويستبعد المتفوقين المحليين: هل هي منح انتخابية أم علمية؟

مقاعد دراسية جديدة في الجامعات الحكومية العراقية

أثارت الخطوة المتعلقة بمنح العراق أكثر من 16 ألف مقعد دراسي في الجامعات الحكومية، بما في ذلك تخصصات وطنية نادرة مثل الطب والصيدلة وطب الأسنان، جدلاً واسعاً وغضباً بين الطلاب وأولياء أمورهم. وقد اعتبرها الكثيرون خطوة “غير منطقية” و”مخالفة للمعايير العلمية والاقتصادية”، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العراق، مع تزايد الديون الداخلية والخارجية وتراجع الخدمات الأساسية.

تحديات التعليم في العراق

قام مراسل “بغداد اليوم” بتوثيق مجموعة من الآراء حول هذه السياسة، حيث اعتبر البعض أن نظام القبول الحالي يساهم في “تضييق الخناق على المتفوقين”. فمع ارتفاع معدلات القبول في كليات الطب إلى 102 درجة من أصل 100، أصبح من الواضح أن هناك مشاكل هيكلية في النظام التعليمي. وقد عبر أحمد جاسم، وهو أحد الطلاب المتقدمين لكليات المجموعة الطبية، عن عدم رضاهم عن هذه السياسات، معتبرًا بأنها تعبير عن “عبث رسمي” بمستقبل الطلاب، حيث أنه لن يتمكن المتقدمون من تجاوز الحدود المطلوبة في الامتحان الوزاري.

من جانبه، عبر والد إحدى الطالبات عن استيائه من منح 16 ألف مقعد دراسي مدفوع التكاليف في بلد يعاني من الديون، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة مثل أمريكا تمنح أعدادًا أقل بكثير في ذات التخصصات. ودعا إلى ضرورة إصلاح التعليم المحلي بدلاً من اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة.

يشير المختصون الاقتصاديون إلى أن العراق لا يمتلك القدرة المالية أو الأكاديمية اللازمة للتمويل هذا العدد الكبير من المقاعد المجانية. وأن القرار يمكن أن يشكل استنزافاً غير مبرر للمال العام، في حين لا تزال الجامعات العراقية بحاجة إلى الترميم والتطوير قبل التفكير في تصدير فرص الدراسة إلى الخارج.

كما أن القرار يثير القلق عندما يتم تقييمه في السياق الأكاديمي، إذ تشير التصنيفات العالمية (QS وTHE وARWU) إلى أن الجامعات العراقية لم تعد تظهر في قوائم أفضل الجامعات. وفي ظل تفوق جامعات الدول المجاورة مثل المملكة العربية السعودية وقطر ومصر، يتساءل الأكاديميون عن جدوى تمويل هذا العدد الكبير من المقاعد بالخارج في ظل عدم نجاح الجامعات المحلية في تحسين تصنيفها.

هناك أيضًا مخاوف من أن هذه المنح تُستخدم لتحقيق مكاسب سياسية أو لتحسين صورة الحكومة في المحافل الدولية، بدلاً من كونها جزءًا من استراتيجية علمية حقيقية. ويشير الخبراء إلى أن دولًا غنية لم تقدم دعمًا مشابهًا، مما يضفي طابعًا استعراضيًا أكثر من كونه استثمارًا جادًا في التعليم.

في ختام تعليقاتهم، طالب الطلاب وزارة التعليم العالي بمراجعة سياسات القبول والمنح، داعين إلى تطبيق نظام أكثر عدلاً وشفافية يتماشى مع الواقع الاقتصادي والتعليمي للبلد، بدلاً من استخدام هذه المقاعد كوسيلة للوجاهة السياسية وتوزيع الامتيازات.