استعدادات جديدة لمواجهة التهديدات: منع هجمات محتملة

التشويش على نظام تحديد المواقع في بغداد

تعيش العاصمة العراقية بغداد منذ عدة أيام حالات من التشويش المتعمد على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مما أدى إلى اضطراب واضح في أداء تطبيقات الخرائط والملاحة وخدمات التوصيل. وفي غياب أي توضيح رسمي من الجهات الحكومية، أثارت هذه الأحداث تساؤلات بشأن الأسباب والدوافع وراء هذا الإجراء.

تداخل في نظم الملاحة

أوضح الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية سيف رعد، في حديثه، أن التشويش على نظام GPS يهدف إلى منع استخدام الخرائط الرقمية في تتبع التحركات الخاصة، ويُعتبر وسيلة لحماية شخصيات أمنية أو سياسية هامة. وأشار إلى أن مجال التشويش الحالي يغطي محيط المنطقة الخضراء وجنوب بغداد، مما يدل على احتمال وجود أجهزة مثبتة على مبانٍ أو مركبات ثابتة تقوم بهذا التشويش. واعتبر رعد أنه إذا كان لهذا الإجراء علاقة بانتخابات قريبة، لكان من المفترض أن يمتد إلى مناطق أخرى من البلاد؛ حيث إن الانتخابات لا تقتصر على بغداد فقط.

علاوة على ذلك، أضاف رعد أن هذا الحدث يتزامن مع تصعيد أمريكي ضد الفصائل المسلحة من خلال الضغط الدبلوماسي والتهديد بالعقوبات. كما تزامن ذلك مع تصريحات قائد عمليات بغداد التي نفت وجود أي مقرات للفصائل المسلحة في العاصمة، مما يعزز من فرضية أن التشويش يعمل بتنسيق مع القوات الأمريكية.

وأكدت مصادر أمنية أن عملية التشويش قد تتم بالتنسيق مع القوات الأمريكية، ومن المتوقع أن تستمر لفترة لا تقل عن أسبوعين. الأجهزة المستخدمة في هذا النوع من التشويش مثبتة في محيط المنطقة الخضراء وتحتوي على مساحة جغرافية محددة، ومع ذلك لم تعلن الحكومة بشكل رسمي عن هذه التدابير أو توضح طبيعتها القانونية.

في سياقٍ متصل، رصدت المنظمات الدولية في الأسابيع الأخيرة موجات تشويش مشابهة على أنظمة GPS في بحر العرب ومياه الخليج، مما يعكس نمطًا إقليميًا عامًا لاستخدام التشويش كإجراء أمني أو كأداة للحرب الإلكترونية. ويعتبر ما يحدث في العراق جزءًا من حالة أوسع تمتد جوهريًا إلى المناطق الساحلية.

فنيًا، يوضح الخبراء أن التشويش يمكن أن ينقسم إلى نوعين رئيسيين: الأول هو “الجيمينغ”، الذي يقوم بقطع إشارات الأقمار الصناعية، والثاني هو “السبوفينغ”، الذي يرسل إشارات مضللة تجعل الموقع المعروض يختلف عن الموقع الحقيقي. كلا النوعين له تأثير خطير على خدمات الطيران المدني والملاحة البرية، وهذا التأثير قد بدأ يظهر في الحياة اليومية لسكان العاصمة.

يعاني بعض الطيارين من فقدان الإشارة، مما يضطرهم للجوء إلى الرادار كبديل، بينما تعاني شركات النقل من خسائر نتيجة الأعطال المتكررة في تطبيقاتها. المواطنون أيضًا يواجهون صعوبات في استخدام الخرائط اليومية المعتادة.

ومع وضوح التأثيرات على الحياة المدنية، لا يزال هناك غموض حول الأسباب الحقيقية لهذا التشويش، حيث لم تصدر الحكومة أو وزارة النقل أي بيانات رسمية توضح أسباب ومدة هذا الإجراء، مما يثير التساؤلات حول الشفافية في هذه العمليات. يحذر مراقبون من أن استمرارية هذه الظاهرة دون تنظيم قانوني قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد والثقة العامة.

في النهاية، تعكس الأحداث الجارية في بغداد مجموعة من التحديات الأمنية والتقنية التي تواجه الدولة، مما يستدعي ضرورة إدارة أوضح لمعلومات التدابير الأمنية الحساسة لتجنب وقوع الشائعات وخلق حالة من عدم اليقين لدى المواطنين.