إيلو باتيجللي: قصة أسير إيطالي في خدمة أرامكو

إيلو باتيجللي ودوره في أرامكو: قصة أسير الحرب الإيطالي

إن إثيوبيا وإريتريا قد شهدتا فترة استعمار إيطالي عقب الحرب الإيطالية الإثيوبية الثانية في عام 1935، تحت حكم الديكتاتور بينيتو موسوليني. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحررت الدولتان من الاستعمار، ولكن ذلك جاء بتداعيات غير متوقعة، حيث تم أسر العديد من الإيطاليين الذين كانوا يعيشون في إثيوبيا. هؤلاء الإيطاليون واجهوا صعوبات هائلة بما في ذلك الأوضاع المعيشية القاسية والحرمان.

الحرفيون الإيطاليون في السعودية

مع مرور الوقت، تم استغلال المهارات المتميزة للعديد من هؤلاء الأسرى، الذين كانوا متعلمين ومؤهلين في مجالات مثل البناء والنجارة، من قبل شركة أرامكو التي كانت بحاجة ماسة للعمال المدربين. بعد الحصول على إذن من الملك عبدالعزيز آل سعود، فتحت أرامكو مكتبًا في العاصمة الإريترية أسمرة لتوظيف هؤلاء الإيطاليين، الذين سعوا للهروب من وضعهم الصعب. بلغ عددهم تقريباً 1800 شخص خلال منتصف الأربعينات، حيث أثبتوا جدارة في العمل.

عملت أرامكو على توفير سبل العيش لهؤلاء العمال، حيث أقامت لهم مجمعًا سكنيًا خاصًا واهتمت بتوفير احتياجاتهم الأساسية. استفادت الشركة بشكل كبير من وجودهم، حيث أسهموا في بناء أول مصفاة لتكرير النفط في ميناء رأس تنورة ومرافق وإسكان الموظفين. وبالرغم من مساهماتهم القيمة، إلا أنهم شاركوا أيضًا في إضرابات تطالب بتحسين حقوقهم وظروف عملهم، مما يعكس وعيهم النقابي.

بحلول أواخر الخمسينات، لم يتبق في السعودية سوى عدد قليل من هؤلاء الأسرى، مثل لويجي الذي عمل كفني كهربائي، وباتيتسا الذي تزوج من مواطنة سعودية بعد إسلامه. وترك الآخرون البلاد، بينما تم دفن البعض في مقبرة أُقيمت في المدينة.

ترك إسحاق الشيخ يعقوب شهادة أخرى عن هؤلاء الإيطاليين، مشيرًا إلى أنهم كانوا مثالًا على الإنسانية وقربهم من العمال السعوديين. عُرف عنهم انخراطهم في الأنشطة الرياضية والثقافية، حيث أطلعوا زملاءهم على مؤلفات أدباء إيطاليين، مما ساهم في بناء علاقات إنسانية جيدة.

من بين هؤلاء، كان إيلو باتيجللي، مصور فوتوغرافي بارز، الذي جاء إلى السعودية ليساهم بشكل كبير في توثيق مراحل تاريخية خلال فترة عمله مع أرامكو. جاء باتيجللي إلى إريتريا قبل الحرب، وعمل مصورًا صحفيًا قبل أن يتم أسره ويتجه إلى السعودية. هناك، أسس استوديوه الخاص وبدأ بتوثيق الحياة اليومية وتطور الأعمال في مناطق مختلفة.

تُظهر قصة إيلو باتيجللي كيف أن الشجاعة والإبداع يمكن أن تنبعث حتى من أصعب الظروف. كما تؤكد أن هؤلاء العمال الإيطاليين كان لهم دور بارز في تاريخ أرامكو وفي التحولات الثقافية والاجتماعية التي حدثت في المنطقة.