اكتشاف 52 حفرية لباندا عملاقة في كهف شوانغهي بالصين: أدلة جديدة لمسار البقاء

كشف فريق بحثي دولي عن أكبر تجمع لحفريات الباندا العملاقة تُكتشف حتى الآن، حيث توثيق 52 حفرية في كهف شوانغهي بمحافظة سوييانغ في مقاطعة قويتشو جنوب غرب الصين. هذا الكهف يعد الأطول في آسيا وأحد أعمق المختبرات الطبيعية لدراسة الحياة القديمة تحت الأرض.

أُعلن هذا الاكتشاف خلال مؤتمر علمي عُقد في 24 أكتوبر لمناقشة نتائج البعثة الدولية الـ24 للكهوف، وشارك فيه باحثون من الصين والولايات المتحدة ودول أوروبية. كما تم الكشف عن 6 حفريات جديدة خلال أعمال المسح الأخيرة داخل الكهف.

تاريخ طويل للباندا العملاقة

تتضمن الحفريات المكتشفة عظاماً وجماجم تعود لعشرات الآلاف من السنين، ويُعتقد أن بعضها يعود إلى حوالي 100 ألف عام، مما يوفر مادة نادرة لدراسة تطور الباندا العملاقة وتفاعلها مع التغيرات المناخية عبر العصور الجليدية. وعلق وانغ ديوان، الباحث المساعد في معهد موارد الجبال، بأنه تم العثور على حفريات متعددة لثدييات أخرى داخل الكهف، لكن حفريات الباندا هي الأكثر جاذبية من حيث العدد والجودة.

كهف شاهق وعجائب تحت الأرض

يمتد كهف شوانغهي لمسافة 439.7 كيلومتر عبر تشكيلة كبيرة من الصخور الكلسية، ويحتوي على أنهار باطنية وشلالات وغرف متصلة تعود إلى ملايين السنين. هذا ما يجعله وجهة رئيسية لمشاريع البحث العلمي في مجالي الجيولوجيا وعلم الأحياء. ورغم وجود مواقع سابقة مسجلة لحفريات الباندا، فإن عدد الحفريات في شوانغهي يتفوق على أي موقع آخر معروف عالمياً.

تشير الدراسة إلى أن هذا الاكتشاف يمكن أن يساعد في تتبع تكيّف الباندا مع التغيرات في مصادر الغذاء والبيئات الطبيعية، وفهم العوامل التي أدت إلى انخفاض أعدادها خلال فترات البرد القاسية، مما يدعم الجهود الحالية لحماية هذا النوع المهدد بالانقراض. وعلى الرغم من تسجيل أقل من 2000 باندا برية، فإن المعلومات المستخلصة من هذه الحفريات تعد ضرورية لجهود الحفاظ على هذا النوع الحيواني.

تم نقل العينات المكتشفة إلى معامل البحث في غوييانغ لإخضاعها لتحليلات تفصيلية تشمل تقدير العمر الجيولوجي باستخدام النظائر المشعة ودراسة الخصائص التشريحية، مما قد يوضح كيف استطاعت الباندا تجنب الانقراض مقارنةً بأنواع أخرى.

تنسيق عالمي متزايد لبحث مستدام

على صعيد آخر، أعربت جهات بحثية ومنظمات دولية مثل “اليونسكو” عن اهتمامها بنتائج هذه البعثة، لكون الكهف موطناً تاريخياً للباندا ويتميز بتنوع بيولوجي فريد. وقد يرى الباحثون أن البيانات الجديدة يمكن أن تساهم في إعادة تقييم تطور الباندا وعلاقاتها البيئية، مما سينعكس إيجابياً على استراتيجيات الحماية المعاصرة.

منذ أواخر الثمانينات، استضاف كهف شوانغهي 24 بعثة استكشافية دولية، حيث تم الوصول إلى اكتشافات متنوعة متعلقة بحيوانات ثديية وسكان المنطقة الأوائل، وسط تسليط الضوء على حفريات الباندا كأحد أبرز العناصر التي تتيح للعلماء نظرة ثاقبة على تاريخ هذا الحيوان الفريد. ومع استمرار تحليل المكتشفات، يتوقع الباحثون الإعلان عن نتائج إضافية في الفترة المقبلة، مما يمكن أن يسلط الضوء على بعض الفصول الغامضة في تاريخ الباندا عبر الأزمنة الجيولوجية.