في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، يمكنك الضغط على رابط المصدر لمشاهدته عبر الموقع الرسمي.
تواصلت التوغلات الإسرائيلية في الجنوب السوري عقب انهيار النظام أواخر العام الماضي، مع تسجيل ما يقارب الـ200 عملية شملت نحو 600 كلم مربع وفقًا لمنظمات حقوقية. كانت إسرائيل قد سعت إلى فتح “ممر إنساني” نحو محافظة السويداء كجزء من اتفاق لإنشاء منطقة منزوعة السلاح، إلا أن سوريا رفضت هذا الطلب معتبرة إياه انتهاكًا لسيادتها. يرتبط كثير من الباحثين هذه التطورات بمشروع يُعرف بـ “ممر داود”. ولكن هل يمكن أن يتحقق هذا الممر في سوريا؟ وما هي العوائق التي قد تواجهه؟
ممر داود والتوسع الإسرائيلي
ممر داود يعد جزءًا من الخريطة المأمولة لإسرائيل الكبرى، وقد سُمي بهذا الاسم نسبة إلى أسطورة يهودية تتعلق بدولة مزعومة في زمن النبي داود، ما يزيد من أهميته الدينية والعسكرية ويعكس طموحات إسرائيل التوسعية في المنطقة. حسب التصورات الصهيونية، يمتد الممر من شمال فلسطين عبر هضبة الجولان، مرورًا بمحافظتي درعا والسويداء، ثم صحراء حمص الشرقية ودير الزور، لينتهي شرق الفرات على الحدود السورية مع تركيا والعراق، وصولًا إلى كردستان العراق.
أشار تقرير بحثي إلى أن ممر داود ينبع من جذور أيديولوجية عميقة في الفكر الصهيوني، حيث استغلت إسرائيل الظروف الراهنة بعد سقوط نظام الأسد لإعادة رسم الجغرافيا السياسية. يهدف هذا المخطط إلى إنشاء شريان بري يمكنها من التمدد جغرافيًا نحو الشرق والوصول إلى مناطق نفطية واقتصادية، مما يوفر لها عمقًا إستراتيجيًا جديدًا. يعود تاريخ فكرة الممر إلى طموحات صهيونية قديمة، حيث حظيت بظهور في كتابات مؤسسي الحركة الصهيونية مثل ثيودور هرتzel، الذي استندت أفكاره إلى خرائط دينية يهودية تحدد أجزاء من سوريا والعراق ضمن حدود “إسرائيل التوراتية”.
التحديات الجغرافية
يمر ممر داود بأراضٍ شاسعة في عمق الأراضي السورية وعبور مساحات متعددة ومعقدة مما يشكل تحديات جسيمة أمام أي جيش يحاول التقدم. أوضح الباحث محمد زعل السلوم أن الجغرافيا في جنوب وشرق سوريا وعرة، وإذا ما خططت إسرائيل للمضي قدما في هذا الممر، سيتوجب عليها عبور محافظات تشكل مساحتها أكثر من 30 مرة حجم غزة. ستواجه تحديات جغرافية واضحة في مناطق مثل وادي اليرموك ووادي الرقاد، وأيضًا ينبغي عليها التصدي لمجتمعات ترفض الاحتلال.
تشكل تضاريس منطقة اللجاة ومرتفعات الجولان وسفوح جبل الشيخ تحديات إضافية حال استشعرت إسرائيل ضرورة احتلال هذه المناطق. بناءً على المعطيات الجغرافية، فإن الحديث عن قدرة إسرائيل على توسيع نفوذها من الجولان إلى عمق سوريا سيظل مستحيلًا تحت ضغوط حول طبيعة الواقع الميداني والحسابات العسكرية المعقدة.
تتضاعف التحديات مع الوضع الحالي في سوريا، حيث تجد إسرائيل نفسها في مواجهة جغرافيا وواقع اجتماعي سياسي معقد ومتشبث بانتماءاته الوطنية. وعليه، فإن أي توجه نحو إنشاء ممر داود من المتوقع أن يواجه مقاومة قوية من المجتمع المحلي.

تعليقات