الدراسة تكشف: أسباب الانتحار في العراق أكثر تعقيداً من النفسية وحدها.. أرقام صادمة تفوق بيانات الحكومة!
ظاهرة الانتحار في العراق
في بلدٍ تعرض لتداعيات الحروب والبطالة وعبء ضغوط الحياة اليومية، تبرز ظاهرة الانتحار في العراق كخطر متزايد وصامت، تعكس أزمة نفسية واجتماعية عميقة تهدد الشباب بصفة خاصة. ورغم صمت الجهات الرسمية أو تقليلها للأرقام الحقيقية، إلا أن منظمات حقوقية تكشف واقعًا أكثر سوداوية مما يُعلن، مما يسلط الضوء على ضعف البنية النفسية والاجتماعية في البلاد.
المسألة النفسية والاجتماعية
أوضح علي العبادي، رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان، أن معدلات الانتحار في العراق تعد مرتفعة للغاية. ورغم الجهود المبذولة من الجهات الرسمية للتعتيم على الأرقام والأسماء، إلا أن متابعة هذا الموضوع من قبل الناشطين في كل المحافظات، بما في ذلك البصرة، تكشف أن الأرقام مثيرة للقلق وأن هذه الظاهرة تزداد عامًا تلو الآخر. وأكد العبادي أن هناك عدة عوامل تساهم في ارتفاع معدلات الانتحار، منها ما يُسمى بـ “الحصار النفسي”، الذي يؤدي إلى فرض قيود على أنشطة الشباب والمشاركة في الفعاليات الحياتية، إلى حد أن بعض المحافظات تمنع فرقًا فنية رغم الحصول على التراخيص القانونية، مما يساهم في إحداث شعور بالكآبة والعزلة.
كما أشار إلى أن الفقر وغلاء المعيشة، بالإضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التي تروج لفكرة الانتحار كحل سهل، تساهم في تفاقم هذه الظاهرة، مع اعتباره أن القيود النفسية تمثل نحو 50% من أسباب قرار الانتحار. ولفت العبادي إلى أن عدد الأطباء النفسيين في محافظة البصرة لا يتجاوز 3 إلى 5 أطباء، رغم أن عدد السكان يبلغ حوالي 5 ملايين، مما يعكس قلة الدعم النفسي الذي يسهم في فقدان العديد من الأرواح سنويًا.
وأشار أيضًا إلى أن معالجة هذه الظاهرة بحاجة إلى نهج علمي ودراسة عميقة لإيجاد حلول واقعية تحمي الشباب وتحد من خسارة المزيد من الأرواح في العراق. وتقدر منظمات محلية ودولية أن معدلات الانتحار في العراق تضاعفت خلال العقد الماضي، وخصوصًا بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، نتيجة تراكم الأزمات الاقتصادية وغياب الدعم النفسي والاجتماعي. وقد لاحظت محافظات مثل ذي قار والبصرة وبابل زيادة مقلقة في حالات الانتحار خلال السنوات الأخيرة، مما دعا مفوضية حقوق الإنسان والمرجعيات الدينية إلى إصدار تحذيرات بشأن احتمال تحول هذه الظاهرة إلى كارثة اجتماعية تهدد الأمن المجتمعي وتظهر عمق الأزمة النفسية لدى الشباب العراقي.

تعليقات