أمين البحوث الإسلامية: السلام ضرورة وجودية وسنة كونية من منبر الجامع الأزهر

السلام ضرورة وجودية

أوضح الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في جامع الأزهر، أن السلام يعد سنة كونية، ومن يبتعد عنه يبتعد عن معاني الحياة. وذكر أن الحرب تُسفر عن دمار شامل ولا تؤدي إلا إلى الخراب والتشريد، متسائلًا: “ما الذي جلبته الحروب سوى الدمار وانتهاك الحرمات والتجويع؟”.

الأمن والسلام

أكد الأمين العام أن الكون يحتاج إلى العودة إلى فطرته السليمة التي ترتكز على السلام، حيث أن الحياة بلا سلام تصبح أشبه بحياة الغابة، تتصارع فيها الوحوش. وأشار إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جاء ليخلص البشرية من آلام الحروب ويؤسس لقيم السلام في قلوب الناس. وصف السلام بأنه قيمة أصيلة في الرسالات السماوية، وأن الانسجام بين عناصر الكون يحقق نظامًا حياتيًا متوازنًا، كما أشار إلى الآية الكريمة: “لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون”، محذرًا من أن أي اختلال في هذا النظام سيتسبب في اضطرابات بعيدة المدى، على غرار ما يسبب تحرك الصفائح التكتونية للزلازل.

وشرح أن سكون الكون وأمانه يعتمد على استقراره وليس على الانتقام، مشددًا على أن السلام يُعتبر ضرورة كونية. ولفت إلى أن الأسس التي يقوم عليها السلام في المجتمعات تشمل ثلاثة عناصر رئيسية: أولاً، العفو وكظم الغيظ، مستشهدا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حول كظم الغيظ، وموقع النبي مع أهل مكة حين قال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. ثانياً، شعور الإنسان بمعاناة الآخرين، حيث يتوجب على الأغنياء مساعدة الفقراء، كما قال النبي: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد”. ثالثاً، الرغبة في الخير للآخرين، موضحًا أن دعاء النبي لعائشة –رضي الله عنها- يعد تجسيدًا لهذه القيمة.

وتطرق الدكتور الجندي إلى أن أنواع السلام التي يُعززها النبي لم تكن مجرد كلمات، بل كانت جزءًا من حياته اليومية، حيث كان الحجر والشجر يسلمان عليه، كما يتجلى في موقف النبي مع الجمل الذي اشتكى له الجوع، حيث أعرب له عن ضرورة الترحم على الحيوانات. وأكد أن الإيمان الحق مرتبط بمشاعر التعاون والرعاية للآخرين، مستندًا إلى حديث السيدة عائشة أثناء ذبحها للشاة، حيث بيّن النبي أن البقية لا تزال تمثل قيمة لكل شيء.

واختتم خطبته بالتأكيد على أن السلام هو العمود الفقري لاستقرار الكون والإنسانية، مشددًا على أن الابتعاد عنه يبعد الإنسان عن فطرته، وأن توازن الكون واستقراره يعتمد على تحقيق السلام في عموم الحياة.