زيارة قاآني لبغداد: ماذا تكشف التعيينات الأمريكية الجديدة للعراق؟

أفاد محللون في الشأن العراقي أن “طهران تحاول استعادة توازن نفوذها في العراق، خاصةً بعد سلسلة من التحركات الأمريكية السريعة التي أعادت تشكيل المشهد السياسي وأدت إلى تحويل بوصلة التأثير الإقليمي بعيداً عن طهران نحو واشنطن“.

بدأت التحركات الأمريكية بإطلاق سراح الباحثة الروسية الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، ثم تعيين المبعوث الأمريكي الجديد مارك سافايا، تبع ذلك مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالإضافة إلى لقاء ترامب برئيس الوزراء خلال قمة شرم الشيخ الأخيرة.
كما قامت زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، في سياق هذه التغيرات، مما يوضح أن طهران تستعد لمرحلة جديدة قد تفرضها نتائج الانتخابات العراقية المقبلة والتطورات في واشنطن.
وأشار مصدر أمني إلى أن “زيارة قاآني لبغداد جاءت بعد ساعات من تعيين المبعوث الأمريكي الجديد، حيث التقى بعدد من قادة الفصائل المسلحة والشخصيات السياسية في الإطار التنسيقي”.
وأضاف المصدر أن “قاآني ركز في اجتماعاته على ضرورة الحفاظ على الحياد في مواجهة التصعيد الأمريكي، وتجنب أي مواجهة قد تؤدي إلى إضعاف النفوذ الإيراني أو الضرر بمصالح حلفائه في العراق”.
وأكد المصدر أن “هذه الزيارة تعكس إدراكًا متزايدًا من إيران بأن بغداد قد تصبح المحور الأساسي لأي تفاهمات أو تطورات جديدة بين واشنطن وطهران، خاصةً في ظل رغبة الإدارة الأمريكية في تقليص نشاط الفصائل المسلحة ومراقبة التمويلات المرتبطة بها، إلى جانب إعادة صياغة العلاقة السياسية مع الحكومة العراقية“.
فيما حول أستاذ الإعلام غالب الدعمي، أشار إلى أن “زيارة قاآني كانت تهدف إلى دفع العراق نحو التقارب مع الجهود الأمريكية، وتحسين العلاقة مع واشنطن في هذه الفترة الحساسة”.
وأضاف أن “إيران تدرك أن وقوع العراق تحت ضغط دولي قد يحد من الدعم الذي تتلقاه من نفوذها في العراق، لذا جاءت زيارة قاآني لتجنب أي توترات في العلاقة مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على تقارب ظاهري وباطني مع طهران”.
تزامنت هذه المناورات الإيرانية مع سلسلة من الاتصالات الأمريكية، لا سيما مكالمة روبيو مع السوداني، والتي فسّرها المراقبون على أنها إنذار رسمي، مع تلميحات في واشنطن بتنفيذ عمليات دقيقة ضد الفصائل العراقية في حالة تصاعد التوتر.
وأكد بيان مكتب رئيس الوزراء على ضرورة عدم اتخاذ واشنطن أي إجراءات أحادية في المجال الأمني، كاستجابة دبلوماسية للتحذير الأمريكي دون تصعيد مباشر.
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن السياسي علي السامرائي أن “إيران أعادت تقييم مواقع نفوذها بعد سلسلة من التراجع، حيث بدأت الدول المنضوية ضمن محور الصراع بإعادة ترتيب موقعها لتجنب المزيد من الاستنزاف”.
وأضاف أن “العراق يبقى الورقة الأقرب لطهران للمناورة، مما يوفر لها فرصة لإعادة ترتيب أوراقها، خصوصاً بعد تكبدها خسائر كبيرة من جراء الصراعات الأخيرة”.
تأتي هذه التطورات في وقت تعاني فيه طهران من صعوبة إدارة جبهاتها الممتدة من اليمن إلى لبنان، مما يجعلها تركز على العراق كمجال حيوي لضبط الأمن والسياسة.
يعتقد بعض المختصين أن قاآني يسعى من خلال تحركاته إلى رسم خريطة جديدة للنفوذ الإيراني في العراق، تتضمن تهدئة الصراعات مع الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة مع قادة الفصائل الفاعلة.