كشفت الصحيفة الأمريكية وول ستريت جورنال عن دراسة الولايات المتحدة وإسرائيل لخطة جديدة تهدف إلى إدارة الأوضاع في قطاع غزة، والتي تتضمن تقسيم القطاع إلى مناطق مختلفة، بحيث تخضع إحداها للسيطرة الإسرائيلية بينما تظل الأخرى تحت سيطرة حركة حماس. وتمثل هذه الخطة خطوة مؤقتة تهدف إلى إعادة الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، حتى يتسنى نزع سلاح حماس وإبعاد الحركة عن السلطة بشكل تدريجي.
الخطة الأمريكية الإسرائيلية لتقسيم غزة
أكدت الصحيفة أن نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس وصهر الرئيس السابق جاريد كوشنر عرضا هذه الخطة خلال مؤتمر صحفي عقد في إسرائيل، مشيرين إلى أن الهدف الأساسي منها هو تعزيز الأمن في القطاع وزيادة مناطق الأمان تدريجيًا، بالتزامن مع استمرار وقف إطلاق النار. ونتيجة لذلك، انسحبت إسرائيل جزئيًا من بعض المناطق، حيث أصبحت الآن تسيطر على حوالي 53% من أراضي غزة. كما توضح الخطة وجود قسمين في القطاع: الأول منطقة آمنة نسبيًا تحت الإشراف الإسرائيلي، والثاني منطقة أخرى تعاني من الاضطرابات الأمنية تحت سيطرة حماس.
الرؤية البديلة لإعادة الإعمار
أشار جاريد كوشنر إلى أن المساعدات لإعادة إعمار غزة لن تُخصص للمناطق تحت سيطرة حماس، حيث سيتم توجيه الأموال فقط لإعمار المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل. ويركز المشروع على إنشاء “غزة جديدة” في المناطق التي تعتبرها إسرائيل آمنة، بهدف تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين وتوفير فرص عمل تساهم في استقرار الأوضاع الإنسانية. ويشمل التفكير بدء عمليات البناء في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية إذا ما تم تأمينها بشكل كافٍ، وهذا قد يشكل نقطة انطلاق لبنية تحتية جديدة في غزة تهدف إلى تحقيق مستقبل أفضل.
من جهة أخرى، أعرب وسطاء عرب شاركوا في مفاوضات السلام عن قلقهم من الاقتراح الأمريكي الإسرائيلي، معتبرين أن فكرة تقسيم غزة تمثل سابقة خطيرة قد تؤدي إلى السيطرة الإسرائيلية المستمرة على أجزاء من القطاع. وأكد هؤلاء الوسطاء على ضرورة أن تستند أي ترتيبات مستقبلية إلى وحدة الأراضي الفلسطينية وانسحاب الاحتلال الكامل من غزة، مشيرين إلى غياب التزامات واضحة من جانب إسرائيل بشأن مستقبل القطاع. كما لاحظ بعض المسؤولين الأمريكيين أن الخطة لا تزال في مراحلها الأولية، وسيتم تقديم مزيد من التفاصيل في الأيام المقبلة بعد التشاور مع الأطراف المعنية.
في جوهرها، تسلط الخطة الضوء على التحديات الحالية، بما في ذلك ضرورة نزع سلاح حماس وتشكيل حكومة مدنية تتابع شؤون القطاع، مما يتيح تحويل المليارات المخصصة للإعمار إلى واقع عملي. وتظهر التقارير أن كوشنر هو المحرك الرئيسي وراء هذه الفكرة بالتعاون مع المبعوث الأمريكي، وقد حصلت الخطة على دعم من الرئيس دونالد ترامب ونائب الرئيس فانس.
على الرغم من الدعم المبدئي، يواجه المشروع تحديات كبيرة تتعلق بكيفية توفير الخدمات الأساسية للفلسطينيين الذين قد ينتقلون إلى مناطق السيطرة الإسرائيلية، بينما تثير الإجراءات الأمنية المحتملة تساؤلات حول الأزمات الإنسانية التي قد تظهر، مما يزيد من تعقيد الوضع. بينما ينظر البعض إلى الخطة بحذر داخل إسرائيل، حيث يرونها كوسيلة لتقليل نفوذ حماس. وفي الوقت نفسه، حذرت بعض الشخصيات الفلسطينية من أن أي محاولة لتقسيم غزة ستواجه معارضة شديدة، حيث تُعتبر تلك الخطوات أشبه بجهود لشرعنة الاحتلال، في وقت يسود فيه هدوء هش حول العديد من القضايا الإنسانية والسياسية الهامة في القطاع.

تعليقات