الاتحاد الأوروبي يقوي شراكته التعليمية مع السعودية: تعزيز التعاون في مجالات التعليم العالي
احتفالات مولد الحسين في مصر
يعد محمد شاهين (65 عاماً)، سائق من محافظة الغربية في دلتا مصر، من الذين يترقبون كل عام مجيء الأسبوع الثالث من شهر ربيع الآخر ليحل ضيفاً في القاهرة خلال احتفالات مولد الحسين في المسجد التاريخي. ويشير شاهين إلى أن هذه التقليد يرافقه منذ شبابه، قائلاً: “رغم أنني قد أغيب عن الحضور لفترة بسبب السفر أو المرض، إلا أنني أحرص عادة على مشاركة أجواء هذا المولد الروحانية وسط أحبائي والمريدين، مما يمنحني شعوراً بالسعادة والراحة”.
احتفال الذكرى السنوية
تتضمن احتفالات مولد الحسين، وفقاً للمشيخة العامة للطرق الصوفية في مصر، الليلة الكبيرة التي تقام في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر، والتي تصادف هذا العام 21 أكتوبر (تشرين الأول). كما يتم الاحتفال بمولد الحسين في الأول من شهر شعبان. ويعتبر الحسين بن علي بن أبي طالب، الذي وُلد عام 626 ميلادية، حفيد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، رمزاً للمحبة والتضحية حيث قُتل في معركة كربلاء عام 680 ميلادية.
أشار شاهين إلى أنه حضر الليلة الختامية لمولد الحسين، موضحاً حبه لهذه المناسبات، حيث كان في الأيام الأخيرة في احتفالات السيد البدوي، وقرر مع أصدقاء له من محبي آل البيت الانطلاق إلى القاهرة للاحتفال بمولد الحسين. يتحدث الداعية الصوفي الدكتور يسري جبر عن هذه الظاهرة قائلاً إن الكثير من الناس يتركون أعمالهم ويتحملون مشقة السفر والزحام، تعبيراً عن محبتهم لآل البيت.
شهدت الليلة الكبيرة لمولد الحسين في القاهرة حضوراً جماهيرياً كبيراً، حيث اجتمع الآلاف في ساحة المسجد، مع وجود مجموعات تحمل الأعلام واللافتات الملونة، مع إغلاق الشوارع المحيطة بالساحة تكريماً لهذا الحدث. ومن المعروف أن الموالد في مصر تُعتبر احتفالات شعبية دينية، تعكس تقاليد المجتمع المصري.
وبحسب تقرير الدكتور حسن القصبي، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، يعكس تجمع الناس في هذه المناسبات حبهم لآل البيت عبر مختلف فئات المجتمع. حيث يعتبر الاحتفال بالمولد جزءاً من التصوف المعتدل، رغم ما قد يظهر من مبالغات في بعض الأحيان. وأكدت المشيخة العامة للطرق الصوفية في مصر أهمية هذه الموالد، حيث ينتظرها الملايين من المسلمين لما تحمله من روحانية وخصوصية في قلوب المصريين.
تعتبر الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع، أن هذه الموالد تمثل تجسيداً للديمقراطية الدينية في مصر، مشيرة إلى أنها تجمع بين الجوانب الدينية والشعبية في فعالية واحدة تعكس تنوع المجتمع. وتضيف أن تلك الموالد تجمع الناس من مختلف الطوائف، مما يعزز المساهمة الثقافية والدينية التي تتمتع بها مصر.
كما أوضح وليد طلعت، مهندس كمبيوتر (45 عاماً)، أنه يحضر المولد ليشارك في حلقات الذكر، رغم الزحام الكبير الذي يرافق مولد الحسين، حيث يجد الوجود وسط المريدين والمحبين ذا قيمة عالية. لكن في الآونة الأخيرة، تعرضت هذه الموالد لانتقادات من بعض التيارات، مما أثار جدل حول شرعيتها. إلا أن المشيخة أكدت على أن الحضور هو تعبير عن المحبة والولاء، ولا يقتصر فقط على المنتمين لطريقة معينة.
قد أقر الدكتور يسري جبر بوجود من يعارض هذه الموالد تحت مسميات مختلفة، لكنه وجد أن من يتمتعون بسلامة القلب لن يتأثروا بهذه الانتقادات، بل سيستمرون في الوفاء بتقاليدهم ومحبتهم للأولياء. في حين يظل حضور هذه المناسبات شائعاً بين المسلمين، كونها تجسد قوة الروح الجماعية والمحبة في المجتمع.

تعليقات