تحديات العراق: نهر عطشان وخزينة فارغة تهدد مستقبل الحكومة الجديدة

أزمات العراق: الجفاف والمالية

حذر الخبير في الشؤون الاستراتيجية عباس الجبوري من أن الحكومة القادمة ستواجه “التركة الأخطر” في تاريخ البلاد، والتي تتجلى في أزمتين مترابطتين تتفاقمان بشكل متزايد، وهما الجفاف والأزمة المالية. وأكد الجبوري أن آثار هاتين الأزمتين لن تقتصر فقط على المدى القصير، بل ستستمر في ثقل كاهل الدولة والمجتمع لعدة سنوات قادمة.

أزمات متجددة: قضايا المياه والاقتصاد

وأوضح الجبوري أن أزمة الجفاف التي يعاني منها العراق تُعتبر الأكثر خطورة منذ عقود، نتيجة انخفاض معدلات الأمطار وانخفاض مستويات المياه القادمة من دول الجوار، مما أثر بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي، وزاد من المعاناة البيئية وتدهور الأوضاع المعيشية في المناطق الريفية. كما أشار إلى أن الحكومة الحالية لم تتخذ خطوات فعّالة لمواجهة هذه الأزمة، بل اتبعت حلولاً مؤقتة لم تتناول جوهر المشكلة، محذراً من أن البلاد تتجه نحو مرحلة حرجة ما لم تتم مراجعة شاملة لسياسات إدارة الموارد المائية.

أما فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، فقد أكد الجبوري أن الأزمة المالية وصلت لمستويات غير مسبوقة، نتيجة لسوء الإدارة وانخفاض الإيرادات وزيادة النفقات غير المنتجة. هذا الاعتماد المتزايد على الاقتراض الداخلي والخارجي يعرض الاستقرار المالي للدولة للخطر في المستقبل القريب.

في ختام تصريحاته، أشار الجبوري إلى أن الحكومة المقبلة ستواجه تحدياً مزدوجاً، يتمثل في إنقاذ الاقتصاد من الإنهيار والتعامل مع تداعيات الجفاف التي تهدد مصادر المعيشة. ودعا إلى ضرورة وضع خطة وطنية شاملة لإصلاح الاقتصاد وإدارة الموارد المائية، تتطلب إرادة سياسية قوية وتعاوناً وطنياً خالصاً بعيداً عن المصالح الضيقة، حيث يمثل الأمن المائي والمالي أساس السيادة والاستقرار الوطني.

وتأتي هذه التحذيرات في وقت تمر فيه العراق بأزمة مائية غير مسبوقة، تتمثل في تراجع حاد في تدفقات نهري دجلة والفرات نتيجة سياسات دول المنبع، بالإضافة إلى التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى تقليص المساحات الزراعية وهجرة آلاف العائلات من المناطق الريفية. كما تعاني البلاد من أزمة مالية متفاقمة بفعل تراجع أسعار النفط، وارتفاع النفقات الحكومية، والاعتماد شبه الكامل على العائدات النفطية في غياب تنوع اقتصادي فعلي.

ويرى المراقبون أن التداخل بين الأزمتين المائية والمالية يشكل تهديداً مباشراً للأمن الوطني والمجتمعي، مما يستدعي من الحكومة المقبلة تصميم سياسات جذرية لضمان الاستقرار في السنوات القادمة.