افتتح سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، فعاليات الدورة الثامنة من منتدى الشارقة للاستثمار 2025، صباح الأربعاء، بحضور سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق». يُعقد المنتدى هذا العام بالتزامن مع مؤتمر الاستثمار العالمي، وهو الأول من نوعه الذي يستضيفه إمارة الشارقة، مما يعكس دورها البارز في قيادة التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستثمار المستدام على المستوى العالمي.
بدأ حفل الافتتاح بترديد السلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، تلاه كلمة سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، حيث أكدت الرسالة الجوهرية للمنتدى، مشيرة إلى أن رؤية الشارقة للإستثمار ترتكز على تحقيق النمو الذي يمكن المجتمع ويعزز المؤسسات ويضمن استدامة الأجيال القادمة، وهو ما تم تأكيده من خلال نجاح المنتدى على مدار عشر سنوات.
وأضافت سموها أن التاريخ يوضح أن الحكومات التي تستثمر في شعوبها ومؤسساتها وبنيتها التحتية تجمع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقد اعتمدنا في الشارقة على بناء منظومة اقتصادية قوية من خلال تعزيز المؤسسات وتطوير البنية التحتية وضمان شفافية ومرونة القوانين.
التطوير القانوني
أشارت سمو الشيخة بدور إلى أن نموذج الشارقة يمثل جزءاً لا يتجزأ من الرؤية الوطنية لدولة الإمارات، التي تقدم نموذجاً تنموياً واقتصادياً رائداً يعتمد على وضوح القوانين وغنى الثقافة وبنية تحتية آمنة ومتطورة، بالإضافة إلى رؤية قيادية واضحة.
الأهمية الجيوسياسية
تناول الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية، في كلمته أهمية التحولات الجيوسياسية في تحديد أولويات التصنيع والاستثمار في المستقبل، مشدداً على أن هذه القضايا أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وأوضح الزيودي أنه يجب على الدول التفكير في ميزتها التنافسية على المستوى العالمي. وقد استطاعت الإمارات تحسين جاذبيتها للاستثمار الخارجي، حيث بلغت قيمة الاستثمارات 45.6 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وهو ما يمثل 55.6% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى منطقة الشرق الأوسط في العام الماضي.
أضاف الوزير أن القطاعات مثل نظم المعلومات والاستثمار الأخضر شهدت نمواً ملحوظاً في 2024، جنبا إلى جنب مع صناعة الطيران والمالية والتكنولوجيا، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوك تشين، والتي ساهمت في خلق فرص استثمارية واسعة، مما يؤكد أن الشارقة كانت المكان المناسب لعقد مؤتمر الاستثمار العالمي التاسع والعشرين.
أكد الزيودي أن فرص الاستثمار تشمل أيضاً الدعم المستمر للمستثمرين من بدء المشروع حتى نهايته، وهو ما تسعى الشارقة لتقديمه لتعزيز الثقة وجذب المزيد من الاستثمارات.
نهج جديد نحو المستقبل
رحب الدكتور جيمس زان، رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر الاستثمار العالمي، بالحضور مشيراً إلى اللحظة التاريخية التي نعيشها، حيث يشهد العالم تحولات كبيرة تتسم بالتقلب، رغم التحديات القائمة إلا أن الفرص لا تزال كثيرة مع بروز نهج جديد يشجع الاستثمار المستدام.
أوضح زان أن استثمارات المستقبل تختلف عن الحاضر، حيث تنطلق وفق ثلاثة مسارات: بناء المستقبل بالاعتماد على الاقتصاد الأخضر والتقنيات المتطورة، وتحويله من خلال الأتمتة والخدمات الذكية، مع تراجع للصناعات ذات القيمة المنخفضة التي لا تستطيع المنافسة في عصر الاستدامة.
أضاف زان أن المستثمرين يبحثون حالياً عن المرونة والاستدامة والأمان أكثر من حجم السوق، داعياً الحكومات ووكالات ترويج الاستثمار لتطوير سياساتها بسرعة والتركيز على المشاريع المستدامة، وبناء بيئات جذابة لرؤوس الأموال والمواهب.
الفكر والعمل
أشار إسماعيل إرشاهين، المدير التنفيذي للرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار، إلى أن استضافة مؤتمر الاستثمار العالمي 2025 في الشارقة تمثل شرفاً كبيراً، مبرزاً أن الإمارات تواصل إثبات مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتعاون والاستثمار المستدام. نحن فخورون بتوحيد منصة مؤتمر الاستثمار العالمي مع منتدى الشارقة للاستثمار تحت رؤية مشتركة، حيث يجتمع فيها الفكر مع العمل، ويدفع التعاون التغيير الإيجابي المطلوب.
الابتكار والتغيرات الاقتصادية
استعرض الدكتور محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة «أليانز»، عرضاً مرئياً تناول فيه ثلاث تحولات رئيسية تشهدها الاقتصاد العالمي، وهي المرونة والابتكار والتغيرات في السياسات. وأكد أن الإمارات تشكل نموذجاً فريداً، إذ تجمع بمهارة بين الثقافة والتمويل والسياحة، مع فهم عميق لسلاسل الإمداد.
وأشاد العريان بالإنجازات التي حققتها الشارقة لما يضمن ترسيخ مكانتها عالمياً، مشيراً إلى أن الإمارات نجحت في توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز النمو والتوازن والإبداع، ولم يشهد التاريخ دولة متقدمة في هذا المجال مثلها، بفضل رؤية قيادتها الحكيمة.
أوضح كبير المستشارين الاقتصاديين أن الذكاء الاصطناعي أصبح قوة فاعلة تعيد تشكيل العالم، إلى جانب مفهوم الصمود الذي برز كدرس من جائحة كوفيد، مؤكداً أن المرونة أصبحت هدفاً استراتيجياً يتطلب خططاً بديلة لمواكبة تسارع التغيرات. وأضاف أن النظام الاقتصادي العالمي يتجه نحو مزيد من التجزؤ وتعدد الأقطاب، حيث تسعى دول مثل الإمارات والبرازيل والسعودية وتركيا لتعزيز مكانتها ضمن نظام عالمي جديد يتسم بعدم اليقين.
تكريم الشركاء
قام سمو نائب حاكم الشارقة بتكريم الشركاء والرعاة والعارضين والجهات الداعمة لفعاليات منتدى الشارقة للاستثمار، حيث قدم لهم الدروع التذكارية والتقط الصور الجماعية.
تفضل سموه بجولة في المنتدى والمعرض المصاحب، حيث اطلع على أحدث المشاريع والمبادرات الاستثمارية المقدمة من الجهات الحكومية والخاصة من الإمارات ودول أخرى، والتي تهدف لتعزيز بيئة الاستثمار المستدام ودعم مسارات النمو الاقتصادي في المنطقة.
يُعقد المنتدى تحت شعار “قيادة التحول العالمي: استثمار نحو مستقبل مرن ومستدام”، بمشاركة واسعة لأكثر من 10 آلاف مشارك من 142 دولة، وأكثر من 130 متحدثاً من وزراء وصنّاع القرار وقادة عالميين، بالإضافة إلى أكثر من 160 فعالية و120 اجتماع أعمال لمناقشة التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية والمناخية ودور الاستثمار المستدام والتمويل الأخضر في تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل.
يستمر «منتدى الشارقة للاستثمار 2025» على مدار يومين بمشاركة مجموعة من القادة والخبراء العالميين الذين يبحثون الاتجاهات المستقبلية في مجالات الاستثمار الأخضر، الاقتصاد الرقمي، سلاسل القيمة العالمية، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبناء الشراكات العابرة للحدود، تأكيداً على مكانة الشارقة كوجهة رائدة في تشكيل مستقبل الاقتصاد المستدام.
حضر الافتتاح بجانب سموهما عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الشيخ خالد بن عصام القاسمي، رئيس دائرة الطيران المدني، والشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، بالإضافة إلى عدد من الوزراء وكبار المسؤولين وممثلي الجهات المشاركة والمستثمرين.

تعليقات