مخازن الآثار: كنوز التاريخ تحت الحماية في مصر

تحسين إدارة المخازن المتحفية لحماية الآثار

إن اهتمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة إنشاء مخزن متحفى باستخدام الأساليب الحديثة لحفظ الآثار يعد خطوة هامة، وأرى أن العاصمة الإدارية الجديدة، وخصوصًا حي الفنون والثقافة، هو المكان الأمثل لهذا المشروع.

تحديات التخزين والحماية الأثرية

في الواقع، تكمن المشكلة الحقيقية للآثار في عدم كفاية المخازن؛ فقد تم الاتفاق منذ عام 2002 على إنشاء 50 مخزنًا لمتحف الآثار في جميع أنحاء البلاد، وقد ساهمت هذه المخازن في حماية الآثار خلال الأزمات التي واجهتها البلاد بعد يناير عام 2011. لذا، ينبغي ألا يُلام الأثريون والمرممون عند حدوث سرقات دون التحقيق في الأسباب الحقيقية وراء تلك الحوادث. على سبيل المثال، حدثت سرقة الإسوارة نتيجة تصرف فردي لمُرمم من المتحف المصري، وهو حادث نادر لم يحدث من قبل. يجب أن نبحث بعمق في أسباب هذه الحوادث وأن يتم التحقيق في أي ممارسات سابقة تتعلق بالمرممة قبل الحادثة. كما أنه من غير الدقيق أن نروج لوجود مافيا لسرقة الآثار في مصر، فالحقيقة أن غالبية القضايا التي يتم ضبها هي حالات نصب وتحايل، حيث يبيع بعض تجار الآثار قطعًا مقلدة على أنها آثار حقيقية. وهذا قد أدى إلى إحباط العديد من المشترين، حتى أن بعض هذه الآثار المزيفة وجدت طريقها إلى متاحف مرموقة.

استمرارًا لفكرة الفصل بين السياحة والآثار، أؤكد أن إدارة السياحة بشكل غير صحيح يمكن أن تؤثر سلبًا على الآثار. لذلك فإن من الضروري تنظيم السياحة بشكل متكامل يتضمن جميع قطاعات الدولة، مما يساعد في توظيف السياحة كمصدر زخم للاقتصاد الوطني بينما يحافظ على حماية الآثار. ناقشت هذا الأمر مع الدكتور خالد العنانى عندما تولى وزارة السياحة والآثار، وقد أخبرته بأن دمج الوظيفتين في وزارة واحدة قد يؤدي إلى مشاكل جمة. لذا، يجب أن تظل الآثار تحت إشراف هيئة مستقلة برئاسة أثريٍ متخصص.

إن بناء مخزنين جديدين ليس كافيًا، بل علينا تدريب الأثريين على استخدام التكنولوجيا المتطورة للقيام بعمليات التسجيل والحفظ بشكل فعال. للأسف، نحن متأخرون في تطبيق نظم قواعد البيانات التي علمتنا كيف نتحكم في حركة القطع الأثرية، وما هي تفاصيل كل جزء منها. يجب أن نضع برنامجًا شاملاً يشمل الدورات التدريبية اللازمة للأثريين المعنيين، فنحن لا يمكن أن نقبل أن يعاني الأثريون في المتحف المصري من ضعف الإنترنت وتدني مستوى السيرفرات. المشروع الذي بدأته سابقًا في المتحف المصري بات مهددًا بالفشل بسبب الإهمال، حيث ترك العديد من الشباب المدربين تلك الجهود نتيجة ضعف الدعم. لذا يجب أن يتحمل الجميع المسؤولية بشأن هذه العقبات.

يجب استكمال البرنامج الخاص بترميم الآثار داخل المخازن، وينبغي إدارة هذه العملية بشكل واعٍ ومُنظم لضمان تسجيل وترميم كل القطع بشكل احترافي. فالممارسات الحالية، مثل استخدام المقابر كمخازن، يجب أن تنتهي في أقرب وقت ممكن، خاصة بعد بناء عدة مخازن متحفية. أوجه تحية للدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، على جهوده في التركيز على المسائل الحقيقية المتعلقة بالسرقات وضمان الشفافية والوضوح للمجتمع حول قضايا الآثار، وهو الأمر الذي يؤكد أهمية إدارة واعية ومبنية على الحقائق لضمان حماية آثارنا.