تنطلق السعودية بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للتصنيع والإنتاج، مستفيدة من تحولاتها الاقتصادية الكبرى. يُمكن اعتبار “الممر الاقتصادي الجديد” مبادرة محورية تدعم هذا التوجه، حيث يعتمد على أربع استراتيجيات وطنية متكاملة تشمل: التوطين، والصناعة، والتعدين، واستراتيجية الصادرات. تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تحويل المملكة إلى منصة إنتاج وتصدير إقليمية وعالمية جاذبة للاستثمارات النوعية، مما يسهم في دفع عجلة التحول الاقتصادي وفق رؤية 2030.
وفي حوار مع “الشرق الأوسط”، أشار وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف إلى أن المملكة تجمع بين هذه الاستراتيجيات الأربع، مما يعزز من قدرتها على أن تصبح مركز تصنيع إقليمياً وعالمياً. كما أوضح أنها تمتلك موارد طبيعية غنية مثل النفط والغاز والبتروكيميائيات والمعادن، بالإضافة إلى موقع جغرافي استراتيجي يسهل الوصول إلى الأسواق المستهدفة في المنطقة، أفريقيا، وسط آسيا، ومناطق أخرى من القارة الآسيوية.
تحول المنتجات الصناعية
تناول الخريّف الحراك القائم نحو تحويل جزء من صادرات البتروكيميائيات إلى صناعات تحويلية محلية، حيث تم تنفيذ مشروع تجريبي ناجح بالتعاون مع وزارة الطاقة، مما أسفر عن زيادة الطلب المحلي على أحد المنتجات بأكثر من 300 ألف طن، مع توقعات بإضافة منتجات جديدة للبرنامج في المستقبل، ما سيدعم الصناعات التحويلية ويعزز دورها في الاقتصاد.
الابتكار في الصناعة الدوائية
بالنسبة للصناعات الدوائية، لفت الخريّف إلى وجود خطة واضحة أسهمت في زيادة عدد المصانع المحلية بشكل كبير، إذ تمكنت المملكة من توطين منتجات حساسة مثل الإنسولين، إضافة إلى المشروعات الجارية لتطوير لقاحات والأدوية الحيوية. كما تطرق إلى الصناعات المرتبطة بالتقنيات الحديثة مثل الإلكترونيات والشرائح الدقيقة، مع التأكيد على الاهتمام المتزايد في هذا القطاع من خلال شراكات مع القطاع الخاص وبالتعاون مع وزارة الاتصالات.
أثناء زيارته إلى مدينة Düsseldorf الألمانية، قام وزير الصناعة والثروة المعدنية بزيارة جناح المملكة في معرض “K Show 2025″، والذي يبرز ريادة المملكة في سلاسل إمداد صناعات البلاستيك والمطاط، وكذلك المزايا التنافسية لبيئتها الاستثمارية.
أكد الخريّف على قوة البنية التحتية في المملكة، إذ تعكس الموانئ والطرق والسكك الحديدية الاستقرار السياسي والمالي، مما يعزز القدرة التنافسية في قطاع الطاقة الذي يعد أساسياً للمناطق الصناعية. هذا التنوع بين الموارد والموقع الجغرافي والبنية التحتية يجعل المملكة شريكاً رئيسياً في الصناعات العالمية.
وضمن إطار الجهود الحكومية، تم إطلاق مجموعة من السياسات والحوافز الفعالة على مدار السنوات الست الماضية، أبرزها تعزيز المحتوى المحلي الذي أصبح بمثابة محرك رئيسي لجذب الاستثمارات. علاوة على ذلك، استثمار الحكومة في تطوير البنية التحتية للمدن الصناعية قد مكن من إنشاء أكثر من 25 مليون متر مربع من الأراضي الصناعية.
تتضافر جميع هذه المعطيات لتسهيل عملية الاستثمار، حيث يتوفر التمويل الصناعي من صندوق التنمية الصناعي، وتمويل الصادرات من بنك التصدير، بالإضافة إلى حوافز برنامج “صنع في السعودية” من هيئة تنمية الصادرات.
شراكات عالمية في الاستثمار
أكد الخريّف أيضاً أن جولاته الأخيرة إلى عدد من عواصم العالم تهدف إلى تحفيز القطاع الخاص السعودي لعقد شراكات دولية وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية. وقد شاركت المملكة في معرض “K Show 2025” في ألمانيا، حيث أبدت الشركات الأجنبية اهتماماً بالاستثمار في المملكة.
في ختام حديثه، أشار الخريّف إلى أن المملكة أصبحت منصة عالمية لمناقشة قضايا التعدين، ويجري استكشاف المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، الذي يُعتبر الركيزة الثالثة للصناعة السعودية بعد النفط والغاز والبتروكيميائيات، مع وجود ثروات تقدّر قيمتها بنحو 2.5 تريليون ريال، والجهود مستمرة لاستخراج معدن الليثيوم من الموارد المتاحة.
تعليقات